JavaScript is not enabled!...Please enable javascript in your browser

جافا سكريبت غير ممكن! ... الرجاء تفعيل الجافا سكريبت في متصفحك.

-->
الصفحة الرئيسية

اعتقال (حجي زيد) في تركيا.. هل سقط "الخليفة" الثالث في قبضة العدالة


بشار خطاب الصميدعي "حجي زيد"

عبد الغني مزوز---

أعلنت وكالة بلومبرغ الأمريكية نقلا عن موقع اخباري تركي اعتقال السلطات التركية لقيادي بارز في تنظيم الدولة الإسلامية، وبينما انتشرت على منصات التواصل الاجتماعي صور مفترضة للقيادي المعتقل، التزمت تركيا الصمت ولم تزد على القول بأن قياديا كبيرا في داعش بات في قبضة الأمن، متراجعة بذلك عن تصريحات أولية عن اعتقال زعيم داعش الجديد "أبو الحسن الهاشمي".

الصور المتداولة على مواقع التواصل الاجتماعي أظهرت أن الرجل المعتقل هو في الواقع (حجي زيد) واسمه الحقيقي بشار خطاب غزال الصميدعي والذي رجحت مصادر عديدة من بينها منشقون عن تنظيم الدولة الإسلامية أن يكون هو نفسه أبو الحسن الهاشمي الذي تم تنصيبه زعيما جديدا لداعش خلفا لعبد الله قرداش (أبو إبراهيم الهاشمي) الذي قضى في إنزال جوي للقوات الأمريكية على منزله في مدينة أطمة شمال سوريا. هناك أسئلة وجيهة كثيرة في ظل هذا المستجد الذي أربك حسابات المراقبين كما حسابات داعش، أهمها: ما هو الموقع القيادي الذي يشغله حجي زيد أثناء اعتقاله، وهل يمكن أن يكون هو نفسه (أبو الحسن الهاشمي) الزعيم الجديد لداعش؟ وإذا لم يكن هو فمن يكون هذا الزعيم؟

يجر الصميدعي خلفه إرثا ثقيلا من القسوة والوحشية

لا شك أن الصميدعي قد اضطلع بأدوار حيوية داخل تنظيم داعش، لقد كان في يوم من الأيام عضوا في اللجنة المفوضة، ومسؤولا عن ديوان القضاء والمظالم في مدينة الموصل، ثم مشرفا على المعهد الشرعي في مدينة الرقة. وكان الصميدعي قد بدأ رحلته في عالم التنظيمات المسلحة مقاتلا في صفوف جماعة أنصار الإسلام منذ الاحتلال الأمريكي للعراق عام 2003.
كان من المسوغين والمشاركين في مجزرة المستتابين، وهي الإبادة الجماعية التي تعرض لها المئات من العراقيين السنة المنتسبين إلى الجيش والشرطة

يجر الصميدعي خلفه إرثا ثقيلا من القسوة والوحشية، فهو ضمن الرجال الذين حرروا البيان الصادر عن المكتب المركزي لمتابعة الدواوين الشرعية في مايو/أيار 2016 والذي حكم بكفر كل من توقف في تكفير من يعتبرهم تنظيم الدولة الإسلامية كفارا، وكان من المسوغين والمشاركين في مجزرة المستتابين، وهي الإبادة الجماعية التي تعرض لها المئات من العراقيين السنة المنتسبين إلى الجيش والشرطة الذين أعطتهم داعش الأمان أثناء اجتياحها للمدن العراقية ووعدتهم بالعفو عنهم مقابل إلقائهم السلاح وتسجيل "توبتهم" في مكاتب التنظيم، لكنها تراجعت عن وعدها لاحقا، وأحضرتهم من منازلهم وقتلتهم بدم بارد.

لا توجد معطيات كافية للجزم بهوية الزعيم الجديد لداعش. لكن واستنادا إلى الإفادات الأمنية للحكومة العراقية وتعليقات المنشقين عن تنظيم الدولة الإسلامية على منصاتهم الإلكترونية يمكن القول أن ثمة روايتين مختلفتين حول هوية (أبو الحسن الهاشمي) الأولى تشدد على أنه هو نفسه جمعة عواد البدري شقيق أبو بكر البغدادي. والثانية تؤكد أنها كنية جديدة لبشار غزال الصميدعي المشهور ب أستاذ زيد أو حجي زيد تناسب مكانته الجديدة كزعيم لداعش، فهل تم اعتقال الخليفة إذن في اسطنبول؟ في الواقع لا يجب الانشغال كثيرا بحيل (الكنى) التي يوظفها تنظيم الدولة لأغراض متعددة. فإضافة إلى سعيه لتمويه هوية رجاله أحيانا، وغسل السمعة لبعضهم أحيانا أخرى عبر منحهم ألقابا جديدة تنأى بهم عن الصيت السيء لألقابهم القديمة، يعمد أيضا إلى اختيار كنية ما لمنصب شاغر، وما إن يعثر على الرجل المناسب لهذا المنصب إلا ويكنى تلقائيا بها، حدث ذلك مع أبي بكر البغدادي، إذ بعد مقتل زعيم دولة العراق الإسلامية أبي عمر البغدادي في 2010 اتفق الرجال المحيطين به على ترويج لقب (أبي بكر البغدادي) على أساس أنه الزعيم الجديد، حتى يتسنى لهم لاحقا التوافق على الشخصية المناسبة للمنصب. وبالتالي فلقب أبي الحسن الهاشمي قد يعود للصميدعي أو لجمعة عواد البدري أو لأي شخص آخر، ويمكن أيضا أن يكون مجرد كنية عالقة في الهواء تنتظر اتفاق قادة داعش على صاحبها، أو حتى لقبا تناوب عليه عدد من "الخلفاء" الذين قضوا دون أن تعلن داعش عنهم.

الثابت أن منشقين عن تنظيم الدولة الإسلامية أعلنوا قبل أشهر من اعتقال (حجي زيد) في تركيا أن الأخير هارب إلى تركيا بسبب خلافات داخلية. ثم رجحوا بعد مقتل عبد الله قرادش عودته بعد مصالحة مفترضة بينه وبين القادة الآخرين. وليس مستبعدا أن يكون (حجي زيد) هو نفسه الخليفة الجديد وفضل إدارة شؤون التنظيم من بيته الآمن في إسطنبول لأسباب منها:

تجنب الانزالات الجوية المباغتة التي أودت بحياة "خليفتين" واعتقال عدد آخر من رجالهما البارزين. وتجد داعش صعوبة بالغة في تأمين أمرائها لأن مقراتهم تكون غالبا في بيئة معادية (إدلب مثلا) يتعذر فيها الخروج في مظهر مسلح لحراساتها، فيبقى "الخليفة" لقمة سائغة عند أول انكشاف أمني له.

يتخذ زعماء تنظيم الدولة من القرى النائية مقرات لهم (باريشا و أطمة ) ما يجعل تردد سعاة البريد وقادة اخرين على المقر لتلقي الأوامر ونقل الرسائل أمرا مثيرا للريبة، وجالبا لانتباه الفضوليين، فالمجتمعات المصغرة حساسة جدا تجاه الغرباء، وبالتالي تكون المدن والأحياء المكتظة خيارا أقل خطورة، لقد كانت عين أحد الفضوليين بمثابة رأس الخيط الذي قاد إلى منزل أبو إبراهيم الهاشمي عندما لاحظ تردد بعض الغرباء بشكل مريب على منزل يفترض أنه يأوي عائلة نازحة من حلب. اسطنبول مدينة كبيرة جدا، تعيش فيها جنسيات وأعراق مختلفة، يصول فيها رجال المافيا وتجار السلاح ويجولون، وتعج بأعضاء في تنظيمات مسلحة بمشارب متنوعة، فما الذي يجعل من عجوز بشلل نصفي يزوره أصدقائه أمرا خطيرا باعثا على القلق. قد لا يكون (حجي زيد) بمثابة الرجل الأول في تنظيم الدولة الإسلامية لكنه قطعا من صناع القرارات فيه، وقد تكون إعاقته الجسدية سببا في استقراره في تركيا، أو قد يكون واليا عليها، أو مسؤولا في الإدارة العامة للولايات، أو مشرفا على ديوان الإعلام.
إنه أقرب إلى نكرة عديم الإرادة منه إلى قائد قادر على شق طريقه إلى القمة وسط غابة من الرجال الشرسين المفتونين بالسلطة والإمارة.
في المقابل رجحت مصادر أمنية عراقية أن يكون جمعة عواد البدري شقيق أبو بكر البغدادي الزعيم الجديد لداعش. لكن لا يوجد في سيرة الرجل الذاتية من المؤهلات ما يشي بأنه قادر على فرض نفسه داخل تنظيم الدولة الإسلامية باستثناء كونه شقيق الخليفة الأسبق. آلاف المنشورات والتعميمات والبيانات التي أصدرها التنظيم أو جرى تسريبها دون إذنه لا يوجد في واحدة منها توقيع مذيل باسمه، إنه أقرب إلى نكرة عديم الإرادة منه إلى قائد قادر على شق طريقه إلى القمة وسط غابة من الرجال الشرسين المفتونين بالسلطة والإمارة.

الشخصية القيادية الأخرى التي يمكن أن تشغل الآن منصب "الخليفة" هي علي سلمان جاسم الجبوري (عبد الرؤوف المهاجر) أمير الإدارة العامة للولايات، وقد ظهر اسمه وتوقيعه على كثير من القرارات والتعميمات الداخلية المسربة، ويبدو من فحواها أن الرجل ذا نفوذ كبير على مختلف مفاصل التنظيم بما فيها، ديوان الإعلام والولايات البعيدة وغيرها.

بشار خطاب الصميدعي "حجي زيد"

بشار خطاب الصميدعي "حجي زيد"

بشار خطاب الصميدعي "حجي زيد"

بشار خطاب الصميدعي "حجي زيد"





الاسمبريد إلكترونيرسالة