JavaScript is not enabled!...Please enable javascript in your browser

جافا سكريبت غير ممكن! ... الرجاء تفعيل الجافا سكريبت في متصفحك.

-->
الصفحة الرئيسية

مكارثية النظام الدولي



عبد الغني مزوز---

هل سنكون مبالغين إذا قلنا أن أجندة النظام الدولي أصبحت طائفية بحتة، هل نحن مخطئين إذا اعتقدنا أن النظام الدولي تحكمه نزعة مكارثية فيما يتعلق بالوجود السني على امتداد خريطة العالم الإسلامي، حيث يتحسس مكامن هذا الوجوده وحركته فيسعى بكل حيلة ووسيلة إلى إنهاءه أو احتواءه أو إبقاءه تحث وصاية أنظمة وكيانات طائفية شرسة.

الذي لا شك فيه أن الغرب وظف المسألة الطائفية بشكل سافر في سياق حروبه المتواصلة على المنطقة، لقد انحاز بشكل فج لأقلية من الأمة استطاع الوصول معها إلى تفاهمات معينة على صعيد تقاسم النفوذ والأدوار في أفق تسييدها - أي الأقلية - وإخضاع المنطقة لها بمقدراتها، ومقدساتها في مرحلة لاحقة. هل يملك القارئ الكريم الوقت الكافي لنقدم له جردا بالمليشيات والمنظمات الطائفية الشيعية حصرا التي تمارس مهنة القتل بكل صنوفه، حتى سميت بعض تلك المنظمات بفرق الموت، كل هذا تحت عين وبصر ودعم من النظام الدولي. الذي لم يصدر قرارا واحدا من أي مؤسسة من مؤسساته حتى الصورية منها لإدانة إجرام هذه الميلشيات أو فرض عقوبات عليها وعلى قادتها ومموليها. الذي يجب أن يعلمه الجميع أن بعض هذه الميلشيات كان لها وجود رسمي في العراق أثناء الإحتلال، وكانت تتقاضى رواتب وتخضع لدورات تدريبية من القوات الأمريكية وتسليحها كان أمريكيا خالصا، مثل الميلشيات التي كانت تسمى "بلواء الذئب " وغيرها، من التشكيلات المرتبطة بوزارة الداخلية، وحزب الدعوة..

يتهاطل المتشددون الشيعة بعشرات آلاف على سوريا من كل أنحاء العالم، من كل الأجناس والعرقيات، يجمعهم هدف واحد هو الوقوف في وجه ما يعتبرونه عدوانا على آل البيت. لا تسأل عن دمويتهم وشراستهم وحماستهم لممارسة القتل والتعذيب بكل صنوفه، فلم يكن دفن الأحياء و تقطيع الرضع بالسكاكين وبقر بطون الحوامل وهن أحياء إلا أحدها. 

الغرب يرصد أسراب كائنات الزومبي القاتلة وهي تتجه إلى سوريا، ويرصد أيضا طائرات الشحن الإيرانية والسفن الروسية وهي تمدهم بأدوات الجريمة ولا يحرك أمام كل ذلك ساكنا. لكنه في المقابل يفقد صوابه عندما ينظم شيخ ما أو جمعية ما حملة لجمع البطانيات أو حليب الأطفال أو مواد طبية لفائدة المدنيين المنكوبين في حلب أو الغوطة أو غيرهما، فيجمد أرصدة الجمعية ويضع الشيخ على لوائح الإرهاب.

في لبنان يتحول حسن نصر الله إلى قرصان خارج القانون، يبتز الدولة بمؤسساتها، ويورطها في حروبه الطائفية، لقد تجاوز فرضية كونه دولة موازية، فأصبح قوة احتلال يحتل من المدن ما يشاء، ويضع يده على كل مفاصل الدولة الحساسة. وظف إمكانيات ومقدرات لبنان لصالح "مهامه الجهادية المقدسة" ضد الشعب السوري، مارس القتل والاختطاف وأمد النظام السوري بآلاف من عناصره، واحتل مدنا في سوريا كحمص والقصير، كل هذه الممارسات لم تحصل على إدانة دولية واحدة, دع عنك تحركا جادا ضدها. 

في اليمن يتحرك الحوثيون بغطاء جوي أمريكي في حربهم ضد القبائل اليمنية، كان الجميع ينتظر أن يتدخل الغرب ورعاة المبادرة الخليجية لوضع حد لتسيب الحوثي، فيمنعونه من السيطرة على البلاد والعاصمة صنعاء، لكن الجميع أصيب بالإحباط عندما اكتشف أن الحوثي قبل انقضاضه على الدولة حصل على ضوء أخضر من الغرب عبر التنسيق مع سفاراته ومخابراته. واليوم دخل التحالف الغربي الحوثي مراحل متقدمة، وأعطى تناغم المارغوانا الأمريكية مع القات الحوثي مفعوله السحري، فسقطت المدن والمديريات، وأي قبيلة استعصت على الحوثيين يتدخل الطيران الأمريكي لتأديبها.

لسيت الرسالة التي وجهها الرئيس الأمريكي باراك أوباما إلى مرشد الجمهورية الإيرانية إلا إجراء روتيني بين حليفين، ما يجمعهم أكثر مما يفرقهم، تلك لم تكن الرسالة الأولى ولن تكون الأخيرة. 

يتجول مهندس الامتداد الإيراني وصانع الفتن الأول قاسم سليماني قائد فيلق القدس في المحافظات العراقية وتؤخذ له الصور وهو يقود المعارك، دفاعا عن ما يعتبرها محافظة تابعة لبلاده ، فتتحرك "قواته" على الأرض بغطاء جوي من قوات التحالف الدولي، ثم يتحدث الجميع دون مسحة حياء عن سيادة العراق واستقراره وتعزيز وحدته الوطنية.

لماذا لم يقصف التحالف الدولي هدفا واحدا للنظام السوري، أو الميلشيات المحسوبة عليه ؟ وهم الذين أبادوا 120 ألف إنسان مستخدمين كل أنواع الأسلحة من السكين إلى الكيماوي. بينما قصف التحالف مقرات لأحرار الشام وهي حركة ثورية انحصر نشاطها في قتال النظام السوري فقط, وتظم نخبة من شباب ومثقفي الثورة، لا علاقة لهم بالتطرف. يقول التحالف الدولي انه يستهدف "جماعة الخرسانيين" لو سلمنا جدلا بوجود هذه الجماعة - وهي غير موجودة باتفاق مراقبي المشد الثوري في سوريا – فهناك أيضا خراسانيين في المعسكر المقابل هناك آلاف من الشيعة المستقدمين من أفغانستان وباكستان، ومهمتهم في سوريا ليست بيع الزهور أو الأقمشة المزركشة بل جاؤوا بهدف القتل والتدمير.

بعد كل هذا لا تلومونا أرجوكم إذا اعتقدنا أنكم تستهدفون الوجود السني في المنطقة، وتدفعون المنطقة باتجاه خريطة أخرى تتسيدها إسرائيل والدولة الصفوية الكبرى والدولة الكردية الكبرى، بينما يوزع السنة على الملاجئ والشتات ومعسكرات الاعتقال، وربما ينتظرهم " الحل الأخير"، لا تلومونا إذا استنتجنا أنكم تمارسون بحق أكثرية الأمة نوعا من المكارثية حيث الاستهداف بالشبهة وتحسس مكامن اليقظة و الوجود في مواجهة هستيرية تعسفية مع مكون عانى من حروبكم كثيرا.

أسقطتم صدام حسين المجيد، لأنه سني عنيد وقف بإصرار وشجاعة في وجه مخططكم، وكان سدا منيع أمام المد الصفوي الذي انهمر بسقوطه كالسيل جرف كل شيء وجده في طريقه، قلتم بأن صدام حسين يسعى لتطوير أسلحة كيمائية طيب بشار الأسد طورها واستخدمها ولا يزال ضد الشعب أكثر من مرة، إيران تطور أسلحة نووية أيضا، أليست هذه الازدواجية نوعا من الطائفية في أوضح صورها.

تصاعدت أصوات كثيرة من بينها نداءات تركية بأهمية إعادة النظر في منظومة النظام الدولي، لأنه بصيغته الحالية أهم عامل من عوامل تكريس النزاع وتأجيج الحروب في العالم. يجب أن تحترم إرادة الشعوب، يجب أن تحفظ ثرواتها،  يجب أن يوضع حد للتدخلات الخارجية والإحتلالات المباشرة وغير المباشرة التي تمس سيادة الأوطان، يجب أن توقف المجازر والإبادات الجماعية التي ترتكب تحث غطاء ديني أو عرقي أو اقتصادي أو غيرها.

في الأخير رجاء أنصفوا سنة المنطقة في العراق وسوريا واليمن ولبنان، فأنتم بسياساتكم غير العادلة تضعون شعوب المنطقة بين خيارين: إما مقاصل الموت أو معسكرات البغدادي، لأنكم في الواقع أحرقتم جميع المراكب باستثناء مركب البغدادي الذي سيتوافد عليه الناس طلبا للنجاة، هذا ما لا نتمناه وهذا ما سيحصل.



 تابعني على تويتر 









الاسمبريد إلكترونيرسالة