JavaScript is not enabled!...Please enable javascript in your browser

جافا سكريبت غير ممكن! ... الرجاء تفعيل الجافا سكريبت في متصفحك.

-->
الصفحة الرئيسية

الحلقة الرابعة :- المقاومة الاخوانية .. والخيارات المتوقعة.




المقداد جمال الدين---

في أروقة المراكز الفكرية للاستعمار الغربي الحديث، وعلى إثر ذبول ورقة الديكتاتوريات القومية في العالم العربي والإسلامي.. تم طرح فكرة احتمالية رحيل أو استبدال تلك الديكتاتوريات بكيانات أخرى صديقة تقوم بنفس المهمة في الحفاظ على مصالح النظام الدولي وضمان استقراره، حيث القوة العظمى المهيمنة عليه تبقى قوى عظمى للأبد، وحيث الضعيف المنهوب والمستعمر .. يبقى منهوبٌ ومستعمر إلى الأبد..

وبرزت منذ تلك الفترة ( حوالي 2007 ) اطروحات توصي بالمساهمة والتخطيط في تحويل كبرى الجماعات الاسلامية ( الاخوان ) إلى كبرى الجسور والتكتلات الوظيفية التي يعيش عليها الاستعمار عقود أخرى كثيرة ..
والحق أن الجماعة وقيادتها - وحتى قبل الوصول إلى السلطة كانت تسير إلى ذلك باحترافية وبتنسيق كامل.

لكن حدث شيءٌ ما غيّر كل هذا .. فلقد أجبرت طموحات جنرالٍ عسكري جماعة الاخوان المسلمين أن تضع قدمها ولأول مرة منذ أحداث يناير 2011 في مكانٍ صحيح.
وأن تعود مرى مرة أخرى لكي تكون أحد أهم الروافع المقاومة ضد الاستعمار ووكلائه العسكر في المنطقة، وهو أمر يستحق التشجيع والمدح وليس الهجوم والذم !

- والآن .. وقبل أن أذكر المسارات المتوقعة لمصير جماعة الاخوان المسلمين، أحب أولا أن أكمل فكرة المقال السابق ( الجماعة العجوز .. لماذا تفشل دائما ) فلقد ذكرت أن هناك سببين رئيسين فقط أدوا إلى كل ما قد قرأتَ فيه .. وهما في رأيي :-

1- انعدام الاستراتيجية :-
-------------------------
فبسبب غياب الاستراتيجية عند جماعة الاخوان المسلمين .. استطاع عبد الناصر أن يتلاعب بالاخوان ويضمن تأيدهم لثورة 23 يوليو ثم ينقلب عليهم.
واستطاع السادات ان يستخدمهم ف ضرب خصومه ثم ينقلب عليهم.
واستطاع مبارك أن يستغل وجودهم كفزاعة ومساومة للغرب على الديمقراطية على مدار 30 عاماً، وأن يحافظ عليهم في نظامه تحت السيطرة.
ثم أتي الفرعون الصغير ( السيسي ) فاستطاع أن يستغلهم حتى وهم ف السلطة، ويقلبهم بعد أن وصلوا إليها في لحظة لم يكن هناك أفضل منها في التاريخ الحديث على الإطلاق !
وفي كل تلك المراحل، ومع كل هؤلاء الأعداء كانوا يخرجون من معاركهم صفر اليدين والطرف الخاسر !!

لأنهم لم يملكوا أبداً استراتيجية، وولم يحددوا أبداً تصوراً واضحاً عن الأهداف الحقيقية التي يريدون أن يصلوا إليها ؟ ولا كيف يتم ذلك ؟... وبالتالي انعكس ذلك على سلوكهم .. فأخطئوا في تعريف الصديق والعدو .. ثم في اختيارهما .. وفي عقد التحالفات .. وفي افتتاح المعارك، وفي ترتيبها .. وفي توصيف الصراع، وفي إدارته !

حتى عندما جائت لهم لحظة الحكم - التي طالما حلموا بها - ارتبكوا بسبب ذلك تماماً .. وبدوا وكأنهم لايعلمون ماذا يفعلون ؟
فما هو حجم التغير الذي يريدون إحداثه ؟ وكيف ؟
هل هو تغير على مستوى النظام أو على مستوى السياسات ؟
وهل معنى ذلك أنهم لم يكونوا يختلفون عن كل من سبقهم سوى أنهم ( اكثر أمانة وخلقاً ) ؟!
إذا فلماذا كان التدثر بشعارات الاسلام؟
أم أن الاسلام لا تنزيل له أكثر من ذلك س بحسب اعتقادهم؟!
فلماذا إذاً قالوا " الاسلام هو الحل" ؟ وماهو معنى هذا الشعار ؟
ولماذا بعد عام كامل من السلطة و80 عام من الوجود وعشرات الاعوام من التضحية .. لم يكونوا يملكون اجابة عن ذلك ؟


2- ضياع الفكرة :-
------------------
مخطىء من يظن أن الاخوان المسلمين انحازوا للطريق الاصلاحي، كخطأ تكتيكي اجتهادي ، او لسوء دقة في الاختيار من متعدد .. إن الاخوان إنما فعلوا ذلك لفلسفة فكرية عندهم عن التصور الحقيقي لأبعاد الصراع، وإمكانية تأخير الصدام، وطرق معالجته !

وكل هذا ينبع من منظومة الأفكار السائدة في الجماعة، والادبيات المهيمنة عليها .. والمنتشرة بين صفوفها .. والتي بلغت حجم التناقض ما أصبح يستحيل بينه التوفيق والتوافق! .. ولا حتى الالتقاء على حد أدنى ! .. وهو الأمر الذي يحتاج إلى مراجعة شاملة وحاسمة تعيد فيها الجماعة تعريف نفسها ودورها ف المستقبل.

فلقد أصبح الاخوان - بسبب بهتان الفكرة المحفزة وضياعها- كيان إداري، متضخم اجتماعياً،مؤثر سياسياً .. وليست جماعة عقائدية تحركها رؤية وتسعى لغاية تقاوم من أجلها فقط، وتتخذ معاركها بناء عليها فقط.

وأصبح مشروع إعادة الخلافة - الذي نشأت هي من أجله - يُستغل فيها كمخزون استراتيجي .. ويُستخدم في شحن القواعد وحشدهم، وليس كوجهة فكرية, وخيار استراتيجي وحيد لاستنقاذ الأمة من حالة الاستعمار التي هي فيها.


الخيارات الثلاثة
==========
- وعليه ... فإن مصير المقاومة الاخوانية الحالية في الشارع، ومصير الجماعة نفسها - والحركة الإسلامية كلها في ركابها - بعد تجاوز هذه المحنة .. سينتهي في رأيي إلى 3 مسارات لارابع لها، بناء عليها سوف تُبنى فيما بعد ( الإجابات ) الكبرى لهذا الجيل:-

1 - فبعضهم سيصبح أكثر راديكالية وثورية :-
( وهذا سيعتمد على مدى تأثرهم بالخطاب الثوري الإسلامي الحالي، وبروز هذا الخطاب وتأصيله .. ومواقف ممثليه، وجاذبية قادته .. وسيولة تحركه .. وقدرة مفكريه الصاعدون- على لفت انتباه شباب الإخوان في هذه المرحلة الحرجة التي تتفتح فيها أذهانهم .. وتختفى فيها وصاية أكثر القادة الكارثين على عقولهم ..
والحق أن هناك ظروف كثيرة جداً محلية وإقليمية ستدفع في هذا الاتجاه، وظني إن حدث هذا فسوف تشهد جماعة الاخوان على إثر ذلك أكبر هزة داخلية عنيفة منذ نشأتها)

2 - بعضهم الثاني سيصبح أكثر إنحلالاً وتميعاً وإصلاحيةً وانهزاميةً ولن يقف عند حد من أول الاعتراف بالاستعمار وبكل منتجاته والتنسيق معه وحفظ مصالحه .. انتهاءً حتى بالتعدى على الشريعة نفسها :-
( وهؤلاء سيكونون كثير في حالة لم يسقط النظام التونسي، حيث سيخرج قادة الاخوان من السجون، وسيستنتجون أن سبب سقوطهم انهم لم يفعلوا مثل اخوان تونس .. وأيضاً سينجذب إليه الكثيرون في حالة بقت التجربة التركية هي التجربة القدوة عند الإخوان المسلمين، وليست تجربة استثنائية )

3 - الأغلبية منهم .. وسوف يستمرون في نفس الاتجاه :-
( اتجاه تدوير التاريخ وإعادة مآسيه، والعبور من الانتخابات للمحنة، ومن المحنة للانتخابات، بنفس الخطابات وطرق التفكير الإصلاحية العقيمة، التي تتفاهم مع المستعمر ومع وكلائه مقابل الحفاظ على بعض المصالح الوقتية، وفي مقدمتها الحفاظ على الجماعة بذاتها وكيانها، فلطالما كانت تلك هي نقطة المركز التي تحركت حولها ولها، وهي وحدها مايطلبون بعد الانهزام في كل صراع، وسوف لن يعدمون كثيراً من التبريرات، تحت هيمنة المحنة، وشرف تجاوز الخلافات في لحظات الازمة )

وهذا الطريق سيعيش مع أنه يفقد كل أسباب الحياة .. بسبب قوة التنظيم والترتيب - فهذه سنة تاريخية، من أجاد النظام واستغلال الكوادر وحشد الطاقات فسيبقى حتماً حتى لو كان بلا لون أو طعم او رائحة ..
وهذا بالطبع .. مالم تظهر فكرة بديلة تنازع الاخوان احتكارهم وتمثيلهم للإسلام، لاسيما بعد انهيار شعبية الفكرة السلفية التي كانت مرشحة لذلك من قبل بسبب خيانة حزب النور المتخلف.


أخيراً أقول :-
=======
- إن كل من ينتقد الاخوان ويهاجمهم عليك أن يدرك عدة حقائق واقعية اهمها، أنهم موجودون على الأرض وأنهم لاعبٌ أساسي في الصراع .. وليس ذلك وحسب بل هم كذلك رقمٌ صعب جداً فيه كان وسيبقى في المستقبل المنظور.

- كما أن الاخوان المسلمين - عملياً - هم النواة الصلبة للمجتمع، وبعض أوجه الصراع أنه محاولة مجتمع للتحرر من سطوة واستعباد مؤسسة من مؤسساته .. وقانون مصر الدائم يقول أنه ( إذا استبيح الاخوان في مرحلة ما.. فإنه غالباً لايبقى لأحد في تلك البلاد حرمة، ولا تنجح مقاومة)
لذلك كان الطغاة يؤخرون دوماً الصدام معهم إلى نهاية الجولة !

- كما أدعوا - الثوار الاسلامين بالذات - لأن يتفهموا التحول التاريخي الذي تمر به الجماعة وشبابها.
فقديماً كان من الممكن أن يحدث هذا الانقلاب - الذي تسبب فيه الاخوان بشكل كامل - ويأتي الجيل الذي بعده فيكمل نفس الطريق دون دراسة العبر ومحاكمة التاريخ، ذلك لأن الحالة الإسلامية كانت ملخصة ف الاخوان.

ولكن اليوم الأمر اختلف، فالاحتكاك مع الطبقات المختلفة " الثائرة " وازدياد التواصل الفكري والمنهجي بين الحركات والتيارات، وفترة عامين ونصف من الحرية كان لابد لهما أن ينتجوا تغيرا كبيراً نشهد الآن آثاره.

وبالتالي ما أدعوا إليه باختصار :- هو خلف أفكار جديدة تصرع هذه الأفكار القديمة وتهزمها، ثم تتحرك على الأرض وتتموضع بجوار الجماعة العجوزة كرقم في معادلة .. فهذا وحده ما سوف يؤثر ايجابيا ف الصراع، وسيضمن الحفاظ على الجماعة في المعسكر الصحيح، بل سيضمن الحفاظ حتى على إسلاميتها .. وذلك لأنها ستكون دوما تحت تهديد نيراننا الصديقة، وستدرك حينها أنها إن تحركت من معسكرنا خطوة واحدة فستكون بذلك قد كتبت نهايتها إلى الأبد كما حدث مع السلفية بعد الانقلاب.


يُـــتـــبع
الاسمبريد إلكترونيرسالة