JavaScript is not enabled!...Please enable javascript in your browser

جافا سكريبت غير ممكن! ... الرجاء تفعيل الجافا سكريبت في متصفحك.

-->
الصفحة الرئيسية

أخطاء التجربة الحازمية (مقالات في الفكر الاسلامي الثوري2)

المقداد جمال الدين---


لقد بدأ حازم أبو إسماعيل تجربته كاستثناء، ولكنه لم يُكمل كذلك، وسرعان ما ارتمى في الدائرة المغلقة التي حذّر منها، وكان سر قوته الأول أنه خارجٌ أو على وشك الخروج منها.

تتمحور أخطاء التجربة الحازمية في رأيي الشخصي في 3 أخطاء رئيسية :-

الخطأ الأول :-
--------------
هو عدم قدرته - او عدم رغبته - من القفز من السفينة المتهالكة بالكلية،.. بحجة الحفاظ على الإخوة، والرسالة المشتركة، وشعبية الفكرة الإسلامية.

- مع إن الحفاظ على الرسالة المقدسة بحق .. كان في أن يطوي حازم أبو إسماعيل بنفسه هذه الصفحة،وهو أرحم الناس بإخوانه، وأحق الناس بوراثتهم.. لأنها كانت ستطوى على كل الحال، وقد طويت بالفعل ولكن بانقلاب عسكري .. وكثيرٍ من الدماء!

- مع إن الحفاظ على شعبية الفكرة الإسلامية بحق .. كان ليتم كأحسن مايكون، لو صدق أكثرُ الناس ان حازماً كان مستقلا، ولم يكن تابعاً ولا محسوباً على سلطة هو بنفسه يؤمن أنها كانت " بتودينا كلنا في داهية ".

- لقد أثر انتماء الشيخ حازم تاريخيا للتيار الإسلامي التقليدي في اختياراته في اللحظات الفارقة، فعلى الرغم أنه هو من ابتدع الخطاب والنمط الجديد ولم يبشر به أحد قبله.
وعلى الرغم أنه استطاع أن يصبح في لحظة هي في عمر الزمن لاشيء؛ الرجل الأقوى في مصر! .. فقد بدا لي الشيخ حازم وكأنه غير مصدقٍ أنه بالفعل قد تجاوز التيار الإسلامي بالكامل، ووصل بالفكرة الإسلامي إلى حيث لم يصل حد ! وأنه لأول مرة ينجح أحد في تحميل فكرة الإسلام للمجتمع لا للتنظيمات .. ويحركه بحده الأدنى في اتجاه معركة صحيحة تاريخية وحيدة، لامعارك متوهمة كالتي نخوضها رغم أنوفنا من المادة الثانية من الدستور حتى .. المادة 219!


2- الخطأ الثاني :-
------------------
الإكمال في العملية الديمقراطية بدلاً من تجاوزها !
- قلتُ له يوماً بعد انتهاء الانتخابات الرئاسة - وقد جمعني به لقاء عام، وقليلاً ما اجتمعتُ به - .. و قد كان آنذاك على شفا الإعلان عن حزب سياسي جديد كمايعلم الجميع .
قلت له :-
" إن الساحة الآن تعانى من فراغ استراتيجي، والمنطقة كلها تبحث عن مشروع وقيادة بعد انهيار الأنظمة القومية وضعف التيار الإسلامي وغرقه في الإصلاحية .. ومصر محط الأنظار كما هي دائماً، وإن طرح نفسك كقائد لتيار تحرر واستقلال أفضل ألف مرة من أن تكون مجرد رئيس حزبٍ يمنعوك من انتصار حقيقي كما منعوك في الرئاسة !
وأنه لايمكن لك أن تقدم أي شيء كحزب .. أو تزعم أي شعار أكثر مما ادعاه غيرك من الإسلاميين ! حتى لو كنت أكثر الصادقين في الانتماء إليه.
وإن قوتك الحقيقة في تجديدك 1- للخطاب و2- للنمط 3- للفكر .. وامتلاكك نواة مشروع قابل للانتقال بالعدوى لو وجد له الصيت العابر للحدود، وانت تحمل الآن الحد الأدنى منه في كل بلاد المسلمين تقريباً فعلاً ! "

- لقد كان الشيخ حازم أبو إسماعيل قادراً على أن يلعب دور " الخميني " في الثورة المصرية، وأكثر من ذلك على مستوى الأمة السُنيّة .. ولكنه قرر بالاكتفاء بأن يكون رئيس حزبٍ محسوبٍ على أيدلوجيا هو عمليا قد تجاوزها بكثيير.
لقد اختار الشيخ حازم بنفسه أن يكون مجرد اختيار يُطرح على الناس في انتخاباتٍ هزيلة في لعبة يملك مفاتيحها العدو، بدلاً من أن يكون رجلَ الناس جميعاً، بهم يكسر قواعد اللعبة، وكل لعبة.


الخطأ الثالث :-
-----------------
هو عندما لم يستطيع الشيخ حازم أبو إسماعيل .. " تأطير " مئات الآلاف التي اجتمعت له في لحظة لن تتكرر، ولم ينجح في اكتشاف طاقاتها ولااستغلالها .. بعد خروجه من الانتخابات الرئاسية،

- يبدو أنه قدرُ الزعماء .. أنهم غالباً لايرون أو لايثقون أو لايقدرون على خلق غيرهم، فترى كل شيء شيدوه ينهار أو يضعف بمجرد تراجعهم خطوة واحدة للواراء، فضلاً عن اختفائهم بالكلية !

- ففي رأي الشخصي كان حازم زعيماً ولس مديراً .. ولكن من قال أننا لسنا بحاجة إلى زعماء ؟!

- لقد اجتمع للشيخ حازم العشرات من الكوادر التي توصف بأنها " رجال دولة " وارتمى تحت أقدامه كل الطاقات والتخصصات اللازمة لإطلاق مشروع لا رد له ولا حد .. ولكنه ظل يعدهم، ويدخرهم ويتكتم عليهم .. حتى تخدروا وتبخروا كلياً !
فلا استنفع هو بهم، ولا من خَلفه سيستطيع أن يجمعهم أو يستنفع بهم بعد اليوم !

- لقد تفلت من أنصار حازم أبو إسماعيل من تفلت، ورحل عنه من رحل، ونسيه من نسيه ..
وبقى قليلون يدركون قيمتة ويفهمون دعوته، ويهون عليهم أن يذهب كل هذا سدى!
- وهذا القليل مكلفٌ الآن أن يعيد إنتاج التجربة الحازمية، وأن يستوعب دروسها جيداً، فهي التجربة الأنجح والأشد اختصاراً في كل تاريخ الحركة الاسلامية،
وأن يهتم بإنتاج الشيخ حازم أبو إسماعيل ماقبل الرئاسة، خاصة نظرته وفقهه في السيرة النبوية وتنزيلها على الواقع، والتي لايمكن فهم الكثير من مواقفه السياسية بعيداً عن فهمه البديع لها.

-----------------------------------
هذه بعض الأخطاء التي رصدتها بعيناي، وليس لي سوى عينان، فلا أستطيع تحميل التجربة الحازمية أكثر مما كانت تحتمل، فمع علمي بأمورٍ أخرى صغيرة أتحفظ عليها، فإني أعلم أيضا بقصص خيانية وكارثية عن قيادات التيار الإسلامي في خذلان هذا الرجل والتعالي عليه مما يرثى لها الجبين !

ولكني أسكت .. لأن المُفيد قد قيل .. وخلاصته :-

أن حازم أبو إسماعيل.. هو قصة انجازات يجب أن تُستوعب وتكرر، وأخطاء يجب أن تتجنب ويبتعد عنها، وتجربة أكبر من أن يطويها التاريخ، ومن ظن أنه صفحة وانتهت من الواقع فهو لم يحسن قراءة السير، ولم يتفقه جيداً في التاريخ، او الاثنين معاً.

وظني الشخصي أن كرسيه ف صناعة مستقبل هذا الجيل مازال محجوزاً ، فعلى الرغم أن حازم لم يشارك مطلقاً في الاحتجاجات الأخيرة ضد العسكر إبان الانقلاب العسكري، ولم يصرح بأي تصريح يدعم فيها الرئيس الذي حذره من الانقلاب عليه ، ولم يكن له في العموم أي موقفٍ إيجابي فيها..
إلا أن حازم أبو إسماعيل دخل السجن " كإمام " وبلا تهمة أو جناية على المطلق سوى مواقفه الثورية والإسلامية المقاومة للظلم والتبعية، مما ثبت صورته الشامخة في أذهان من عرفوه، وأجبر ومازال يجبر كل من عرفه على أن يحترمه حتى لو اختلف معه.
وهذا شيء غير مبشّر أبداً لهؤلاء الجالسين في وزارة الدفاع يحيكون المستقبل ويصفرونه من تحدياته!


يــُـتبع ..
الاسمبريد إلكترونيرسالة