١/
{قل سيروا في الأرض ثم انظروا كيف كان عاقبة المكذبين}
اقرأوا التاريخ إذ فيه العِبَر ** ضل قوم ليس يدرون الخبر
2/
قال ابن كثير رحمه الله في الخوارج
قلت: وهذا الضرب من الناس من أغرب أشكال بني آدم، فسبحان من نوع خلقه كما أراد، وسبق في قدره العظيم.
٣/
وهم يحسبون أهم يحسنون صنعا )
والمقصود أن هؤلاء الجهلة الضلال، والأشقياء في الأقوال والأفعال، اجتمع رأيهم على الخروج من بين أظهر المسلمين
٤/
وتواطأوا على المسير إلى المدائن ليملكوها .. ويتحصنوا بها ويبعثوا إلى
إخوانهم وأضرابهم ممن هو على رأيهم ومذهبهم، من أهل البصرة وغيرها
٥/
فيوافوهم إليها، ويكون اجتماعهم عليها.
فقال لهم زيد بن حصن الطائي: إن المدائن لا تقدرون عليها، فإن بها جيشا لا تطيقونه وسيمنعوها منكم،
6/
ولكن واعدوا إخوانكم إلى جسر نهر جوخى ولا تخرجوا من الكوفة جماعات ولكن اخرجوا وحدانا لئلا يفطن بكم
٧/
فكتبوا كتابا عاما إلى من هو على مذهبهم ومسلكهم من أهل البصرة وغيرها ،
وبعثوا به إليه ليوافوهم إلى النهر ليكونوا يدا واحدة على الناس
٨/
ثم خرجوا يتسللون وحدانا لئلا يعلم أحد بهم فيمنعوهم من الخروج
فخرجوا من بين الآباء والأمهات والأخوال والخالات وفارقوا سائر القرابات،
٩/
يعتقدون بجهلهم وقلة علمهم وعقلهم أن هذا الأمر يرضي رب الأرض والسموات.
ولم يعلموا أنه من أكبر الكبائر الموبقات، والعظائم والخطيئات
١٠/
وأنه مما زينه لهم إبليس الشيطان الرجيم المطرود عن السموات
الذي نصب العداوة لأبينا آدم ثم لذريته ما دامت أرواحهم في أجسادهم مترددات،
١١/
وقد تدارك جماعة من الناس بعض أولادهم وإخوانهم فردوهم وأنبوهم ووبخوهم
فمنهم من استمر على الاستقامة، ومنه من فر بعد ذلك فلحق بالخوارج
١٢/
فخسر إلى يوم القيامة
وذهب الباقون إلى ذلك الموضع ووافى إليهم من كانوا كتبوا إليه من أهل البصرة وغيرها، واجتمع الجميع بالنهروان،
١٣/
وصارت لهم شوكة ومنعة، وهم جند مستقلون وفيهم شجاعة، وعندهم أنهم متقربون بذلك.
فهم لا يصطلى لهم بنار، ولا يطمع في أن يؤخذ منهم بثأر
١٤/
.. الخوارج قد عاثوا في الأرض فسادا، وسفكوا الدماء وقطعوا السبل واستحلوا المحارم ،
وكان من جملة من قتلوه عبد الله بن خباب صاحب رسول الله
١٥/
أسروه وامرأته معه وهي حامل، فقالوا: من أنت؟
قال: أنا عبد الله بن خباب صاحب رسول الله ، وإنكم قد روعتموني ، فقالوا: لا بأس عليك،
١٦/
حدثنا ما سمعت من أبيك ، فقال: سمعت أبي يقول: سمعت رسول الله يقول: «
ستكون فتنة القاعد فيها خير من القائم، والقائم خير من الماشي،
١٧/
والماشي خير من الساعي » فاقتادوه بيده فبينما هو يسير معهم إذ لقي بعضهم خنزيرا لبعض أهل الذمة فضربه بعضهم فشق جلده
١٨/
فقال له آخر: لم فعلت هذا وهو لذمي؟
فذهب إلى ذلك الذمي فاستحله وأرضاه وبينا هو معهم إذ سقطت تمرة من نخلة فأخذها أحدهم فألقاها في فمه ،
١٩/
فقال له آخر: بغير إذن ولا ثمن؟
فألقاها ذاك من فمه، ومع هذا قدموا عبد الله بن خباب فذبحوه، وجاؤوا إلى امرأته فقالت: إني امرأة حبلى ..
٢٠/
ألا تتقون الله ؟ فذبحوها وبقروا بطنها عن ولدها.
.. فأرسل علي إلى الخوارج رسولا من جهته وهو الحارث بن مرة العبدي، فقال: اخبر لي خبرهم،
٢١/
وأعلم لي أمرهم واكتب إلي به على الجلية، فلما قدم عليهم قتلوه ولم ينظروه، فلما بلغ ذلك عليا عزم على الذهاب إليهم ( لقتالهم ) ..
٢٢/
(فلما هزمهم علي جعل الناس يقولون) :الحمد للّه ياأمير المؤمنين الذي قطع
دابرهم،فقال عليّ: "كلا واللّه إنهم لفي أصلاب الرجال وأرحام النساء
٢٣/
ثم قال ابن كثير رحمه الله في قتال علي رضي الله عنه للخوارج في العراق : "وفيه خيرة عظيمة لهم ، ولأهل الشام أيضاً ..
٢٤/
".. إذ لو قووا هؤلاء لأفسدوا الأرض كلها عراقاً وشاماً ، ولم يتركوا طفلاً ولا طفلة ولا رجلاً ولا امرأة ..
٢٥/
.. لأن الناس عندهم قد فسدوا فساداً لا يصلحهم إلاّ القتل جملة ..) [ البداية والنهاية لابن كثير رحمه الله 10/584]