JavaScript is not enabled!...Please enable javascript in your browser

جافا سكريبت غير ممكن! ... الرجاء تفعيل الجافا سكريبت في متصفحك.

-->
الصفحة الرئيسية

العصف المأكول..قصة عدوان وأسطورة صمود


عبد الغني مزوز---

بدأت إسرائيل عدوانها على غزة بعد قراءة اعتقدت أنها صحيحة للأوضاع في المنطقة، رأت فيها أن كل أسباب وعوامل الانتصار السريع قد اجتمعت لها في لحظة تاريخية ينذر أن تتكرر. وليس عليها إلا الدخول في معركة أشبه بنزهة لاجتثاث حماس و فرض واقع جديد يدخل قوى المقاومة في متاهة الابتزاز والمساومات تنتهي باستنساخ رام الله جديدة في غزة.

فالانقلاب في مصر وأذرعه الإعلامية خلقا حالة محدودة من الوعي لدى مؤيديهم بأن إسرائيل لا ينبغي أن تكون عدوة، مادامت تكفينا شر عدو أخطر منها وتحاربه نيابة عنا وهو حركة حماس الاخوانية، والمنطق يقتضي أن عدو عدوي هو صديقي، وبالتالي فحصار غزة وهدم الأنفاق والتنسيق مع إسرائيل لضرب تجمعات المقاومة
والتحريض عليها ليل نهار هو من صميم الواجبات الوطنية التي تخرم وطنية المرء إذا لم يقم بها حق القيام. كما أن بؤر الثورة المضادة أو ما يمكن أن نسيمه بالعمق العربي لإسرائيل ما فتئ يدعوا هذه الأخيرة إلى الاستعجال بضرب "الإرهاب" في غزة واعدا إياها بدفع النفقات وتغطية التكاليف. وحيث أن محمد مرسي غيبه الانقلاب والإسلام السياسي عموما تجتاحه الموجه العكسية للثورة مهددة بنسف منجزاته وتبديد مكتسباته و إعادته إلى المربع الأول مربع الحصار والمحنة، فلم يبق لإسرائيل أمام هذا الواقع إلا أن تفرك كفيها زهوا وفرحا بفرصة نادرة لا تأتيها حتى في أكثر أحلامها وردية.

بدأت إسرائيل عدوانها على غزة مسلحة ببنك أهداف وهمي لا يحوي أي هدف يمكن أن يقال عنه عسكري أو شبه عسكري، منتهجة أسلوب الأرض المحروقة والعقاب الجماعي لتجريد المقاومة من حاضنتها الشعبية غير أن المؤشرات الأولية للمعركة تشير إلى أن حسابات إسرائيل كلها كانت خاطئة.

دخلت حماس ومعها فضائل المقاومة الأخرى المعركة بثقة و نفس طويل مراهنة على إيمانها وسلاحها فقط وهو ما عبر عنه خالد مشعل بالقول:" نأمل في الأمة خيرا ونأمل في العالم الحر خيرا لكننا لن ننتظر أحدا"، لغة التحدي والعصامية والكبرياء التي استهل بها خالد مشعل فعاليات المقاومة وعنوان المعركة المختار "العصف المأكول" تعطي انطباعا واضحا أن المقاومة قد أعدت نفسها جيدا، وأن من يراهن على تركيعها خاسر في رهانه. كلمات القادة ورموز المقاومة التي توالت بعدها لم تخرج عن سياق التحدي والصمود والإصرار على المواجهة وجاءت الأعمال البطولية المفاجئة على الأرض لتكمل سيمفونية المقاومة وتبدع لحنا أطرب الأمة وأزعج الصهاينة ومن يحملون جينات التصهين.

خلال الساعات الأولى للعدوان صبت المقاومة حممها على المدن والبلدات الإسرائيلية، مرغمة الآلاف من الصهاينة على الاحتماء في الملاجئ و المجاري، ما أصاب المجتمع الإسرائيلي بشلل شبه تام، أما القبة الحديدية فخر الإنتاج الحربي الإسرائيلي فقد تحولت إلى عبئ اقتصادي زائد، و كان استبدالها بحارس مرمى كفؤ يستبسل في التقاط الصواريخ أجدى من منظومة تعترض من المائة صاروخ الخمسة والعشرة في أحسن أحوالها كموظف جمركي يقبض قبل أن يمرر البضاعة.

لم تتوقف مفاجئات المقاومة التي أصابت العدوان في مقتل: تسلل مجموعة كمندوز بحرية إلى داخل معسرات العدو، الإفصاح عن وجود سرب من الطائرات بدون طيار الهجومية ودخولها الخدمة، الإنزال خلف خطوط العدو، أسر جندي إسرائيلي من وحدة غولاني، اختراق شبكة الهاتف المحمول الإسرائيلية والتلفزيون وبث رسائل المقاومة، قصف حيفا، الكشف عن أجيال جديدة من الصواريخ المتطورة، الإعلان عن قصف تل أبيب بعد إخطار العالم وطاقم القبة الحديدية بساعة التنفيذ بالضبط متحدية بذلك تكنولوجيا إسرائيل وفي مقدمتها القفة الحريرية عفوا القبة الحديدية وهو ما تم بنجاح بفضل صواريخ J80 المتطورة.

هذه النجاحات وغيرها وما يقابلها من عجز إسرائيل عن تحقيق انجاز واحد يمكن أن يوصف بالمهم حيث لا هدف عسكريا دمر ولا رمزا للمقاومة اغتيل ولا مخزنا للسلاح أصيب كل ما فعلته هو استهداف الأطفال والمنازل والمساجد والمستشفيات والمدارس.

ارتبكت إسرائيل وطفقت تلتفت يمينا وشمالا عل أحدا يلقي لها بحبل ينتشلها من وحل غزة الذي علقت فيه، فكان التدخل من مصر السيسي الذي طرح مبادرة تحفظ لإسرائيل ما بقي من ماء وجهها وتربت على كتفها وتعيد غزة إلى ما كانت عليه من حصار كأن شيء لم يكن. المقاومة في سابقة تاريخية رفضت الهدنة وأصرت على مواصلة القتال مؤكدة أن توقف المقاومة رهين بتحقيق مطالبها وشروطها غير القابلة للمساومة. و أن زمن الوصاية و الهدن المذلة والصلف الصهيوني قد ولى زمنه. فصائل المقاومة بكافة توجهاتها وأسمائها مجتمعة على أرضية واحدة وهدف واحد، ومفاجئاتها تثرى ولا عزاء ولا كرامة للصهاينة والمتصهينين.
الاسمبريد إلكترونيرسالة