JavaScript is not enabled!...Please enable javascript in your browser

جافا سكريبت غير ممكن! ... الرجاء تفعيل الجافا سكريبت في متصفحك.

-->
الصفحة الرئيسية

الجهاديون والإخوان إنصاف وتقارب



عبد الغني مزوز

لا يستطيع أحد أن يلم بحقيقة العلاقة بين الإخوان المسلمين وبين التيار الجهادي ما لم يرجع إلى الجذور المشتركة بين كلا التوجهين. فكبار رموز التيار الجهادي لا ينكرون أن أساس فكرهم وتوجههم الجهادي مبني على أدبيات فكرية وحركية تعود إلى مفكرين إخوان, فتوحيد الحاكمية الذي أصل له سيد قطب فكريا وحركيا وكان بمثابة قطب الرحى الذي تدور عليه عامة كتاباته, جاء أبو محمد المقدسي ليعطي له بعدا عقديا وفقهيا مشفوعا ومعززا بنقولات من كبار أئمة الدعوة السلفية والدعوة النجدية, وذلك في كتابه "ملة إبراهيم", وقبله حاول المهندس عبد السلام فرج في كتابه " الفريضة الغائبة", وكلا الكتابين وهما من بواكير ما ألف على صعيد البناء الفقهي والعقدي للتيار الجهادي يتخذان من فكر سيد قطب أرضية للانطلاق والتنظير.

أبو محمد المقدسي من كبار رموز الحركة الجهادية ومرجعها الأول, اعترف في إحدى مقابلاته لما سئل عن سيد قطب على أن الفضل يعود لهذا الأخير في نشوء التيار الجهادي وأنه اعتمد على أدبياته بشكل كبير في سياق تشييده للأطروحات الكبرى للتيار الجهادي مثل:" الحاكمية" و " المفاصلة" و" الجهاد"...

هذه العلاقة بين التوجه الاخواني والتوجه الجهادي لا تقتصر على الجانب الفكري والفقهي فقط, بل حتى على الصعيد الحركي سنرى كيف أن الكادر الاخواني والتجربة الاخوانية كان لهما الدور البارز في تبلور نظريات التيار الجهادي العالمي الحركية والعسكرية, فالدكتور عبد الله عزام الذي يعتز بانتمائه للإخوان المسلمين يوصف بأنه أستاذ أسامة بن لادن وأب الأفغان العرب الذين أفرزوا فيما بعد ظاهرة القاعدة وأخواتها من الجماعات الجهادية الأخرى, التي نشأت في مضافات ومعسكرات أفغانستان, وكان يشرف عليها كل من عبد الله عزام وأسامة بن لادن. إلى جانب هذا النشاط الحركي والعسكري والدعوي من عبد الله عزام فقد أغنى المكتبة الجهادية بعشرات من المؤلفات والمحاضرات التي تحولت إلى ارث جهادي أعطى شرعية فقهية ووجودية للتيار الجهادي لا يمكنه الاستغناء عنها, خد مثلا كتابه الشهير" الدفاع عن أراضي المسلمين من أهم فروض الأعيان" فهو بمثابة رخصة للتيار الجهادي للعمل في كل الأراضي التي ترزح تحت الاحتلال بما فيها الأندلس وأجزاء من فرنسا وغيرها على اعتبار أن الجهاد تعين مند سقوط الأندلس وفق ما يراه الدكتور عبد الله عزام.

إذا كان الاخواني عبد الله عزام وراء الحضن الذي ترعرع فيه التيار الجهادي وتبلورت فيه معظم أطروحاته وخططته, فهناك إخواني آخر لا يقل عنه مساهمة في تشييد الصرح الفكري والاستراتيجي للتيار الجهادي, هذا الاخواني وان بدا في أكثر من مناسبة متنكرا لأصله ونشأته الاخوانية إلا أن هذا التنكر راجع إلى ما يعتقده خروجا من الإخوان عن المسار الذي اختطه رعيلهم الأول, انه الاخواني عمر عبد الحكيم المعروف بأبي مصعب السوري الذي يلقبه أبناء التيار الجهادي بالبروفسور, فقد نشأ أبو مصعب السوري في كنف دعوة الإخوان المسلمين مع كل من عدنان عقلة وسعيد حوى ومروان حديد, وشارك بفعالية في معارك حماة التي قادتها الطليعة المقاتلة للإخوان المسلمين ضد نظام حافظ الأسد.

 نجح النظام السوري في وأد ثورة الطليعة المقاتلة بعد مذبحة حماة الرهيبة في مطلع الثمانينيات, فخرج أبو مصعب السوري باستنتاجات وملاحظات اعتبرها أسبابا للفشل كان من ضمنها تخاذل قيادات الإخوان المسلمين عن الدعم الجدي للثورة وتوقيعها بيان التحالف, وثغرات أخرى على الصعيد الفكري والفقهي والتنظيمي والعسكري  والسياسي جمعها في كتاب ضخم تحث عنوان "الثورة الإسلامية في سوريا" وكان لهذا الكتاب وكتب أخرى ومحاضرات ألقاها في معسكرات أفغانستان دور كبير في صياغة وتقويم النظرية العسكرية والإستراتيجية للتيار الجهادي, فهو المنظر لأسلوب حرب العصابات وأسلوب الجهاد الفردي وهما الأسلوبان الذين يعمل بهما التيار الجهادي في كافة أرجاء العالم.

 الإضافة المهمة التي أضافها أبو مصعب السوري للتيار الجهادي ما كان لها أن تأخذ حجمها التي هي عليه لولا عمقه ونشأته الاخوانية, ولذلك فعندما تقرأ كتابات أبو مصعب السوري تحس بتلك اللمسة الاخوانية في كتاباته تحس برسوخه الفكري وموسوعيته النادرة, لم تكن كتاباته مجرد نشرات حماسية أو خطابية, أو اجترار لما كتبه الأقران, وسمة أخرى تطغى على كتابات أبو مصعب السوري وهي الموضوعية فهو لا يتورع عن نقد من يراه مخطئ ولو كان من أقرب المقربين إليه تنظيما وفكرا, فقد انتقد الإخوان المسلمين وكان منهم وحملهم مسؤولية إخفاقات الثورة في سوريا, وانتقد السلفيين أمثال أبو قتادة الفلسطيني و أبو الوليد الأنصاري وحملهم مسؤولية ما جرى في الجزائر من انحراف الجماعة المسلحة وكان من رفاقهم في لندن أنداك.

عندما وجد التيار الجهادي نفسه في مواجهة مباشرة مع أمريكا خلال غزوها للعراق, كان من ضمن اختياراته التكتيكية للمواجهة والاستنزاف أسلوب العمليات الفدائية, ولا يخفى على أحد أن مهندس هذا الأسلوب هو رجل كان يعمل في الجهاز العسكري لحركة حماس ذراع الإخوان المسلمين في فلسطين, انه المهندس يحيى عياش واضع حجر الأساس لتكتيك العمليات "الاستشهادية", واستند إلى المسوغات الشرعية للدكتور يوسف القرضاوي الذي يلقبه البعض بالأب الروحي للإخوان المسلمين. وكان الإعلام قد شبه أول ظهور للمقاومة  في العراق بما تفعله كتائب القسام في فلسطين, من وضع الأقنعة ووضع عصابة الشهادة والظهور بتلك الهيئة أما الكاميرا لإلقاء بيان أو التوعد بتصعيد المقاومة أو تبني العمليات و غيرها.

يحيى عياش يحضا بمكانة متميزة في وجدان الجهاديين فسيرته ما تزال متداولة في الأوساط الجهادية, ولا تزال صورته تنشر كتوقيع أو كصورة افتراضية للمشاركين في المنتديات والمواقع الجهادية, إلى جانب عدد من قادة حماس الذين يعتقد الناشطون الجهاديون أنهم ظلوا أوفياء لميثاق حماس وخطها الجهادي كأحمد ياسين وعبد العزيز الرنتيسي ونزار ريان وغيرهم.

منحنى العلاقة بين حماس والتيار والجهادي اعترته في فترات كثيرة مجموعة من التغيرات وصلت في بعض الأحيان درجة الصدام, ولعل من أكثر الحوادث تأثيرا في منحنى العلاقة هي  حادثة مسجد ابن تيمية, عندما هاجمت كتائب القسام عناصر من السلفية الجهادية تريد إعلان مدينة رفح إمارة إسلامية فتحصنت بمسجد ابن تيمية, فما كان من عناصر حماس إلا أن هاجموا المسجد فقتلوا عددا من رجال السلفية الجهادية, بينهم أميرهم عبد اللطيف موسى, الحادثة خلفت استياء في أوساط التيار الجهادي ودفعت بقادة التيار ورموزه إلى استنكار مهاجمة المسجد وأصدر الدكتور أيمن الظواهري عددا من التسجيلات يوبخ فيها حماس لعل أهمها نعيه لحماس بسبب تخليها عن ميثاقها وتنكبها سبيل مؤسسها الراحل أحمد ياسين فقال مخاطبا الأمة "عظم الله أجرك في قيادة حماس".

هذه الاختلاف الذي بدأ بالاتساع بين حماس والتيار الجهادي لم يحل دون إطلاق تصريحات تحاول محاصرة هذا الخلاف خصوصا وبعض الكتاب الجهاديين بدأت نبرته بالتحول من مجرد العتاب إلى إطلاق أحكام التكفير والتبديع, فصرح مصطفى أبو اليزيد القائد العام لتنظيم القاعدة الراحل في حوار مع الجزيرة بأن "حماس إخواننا وهي جماعة جهادية شرعية....
رغم هذه القطيعة وهذا الجفاء ورغم كتاب " الحصاد المر للإخوان المسلمين" ورغم فتوى القرضاوي بجواز القتال إلى جانب الولايات المتحدة ضد طالبان والقاعدة, إلا أن أيمن الظواهري ضلت أدناه مفتحة لالتقاط أي إشارة ايجابية من الإخوان المسلمين من أجل بناء وضع جديد عليها, وهو ما حصل عندما عزى إسماعيل هنية الأمة في مقتل أسامة بن لادن ووصفه بالمجاهد الكبير, إذ شكره أيمن الظواهري على تعزيته وأثنى عليه وعلى موقفه. 

بعد الثورة المصرية وتصدر الإخوان المسلمين للمشهد السياسي  اختار الجهاديون النأي بالنفس عن الصراع السياسي, واكتفوا بالدعوة وطباعة كتاباتهم ونشرها بين الناس مستفيدين من هامش الحرية المتاح, خصوصا ومرسي أعطى إشارات كثيرة بأن نظامه سيأمن في ظله الجهاديون, حدث هذا في الساعات الأولى من فوزه بالانتخابات عندما وعد بتحرير الدكتور عمر عبد الرحمن من سجنه بأمريكا وحدث كذلك عندما شارك في مؤتمر نصرة الشعب السوري في مشهد مهيب ونشيد الجهاديين المفضل يصدح في الأجواء "لبيك إسلام البطولة كلنا نفدي الحمى..." وأعلن نصرته للثورة في سوريا فاتحا أبواب المشاركة فيها مع ضمانات بعدم ملاحقة العائدين منها, كما أن مصر في عهده نظمت فيها مؤتمرات كثيرة حضرها نخبة من مفكري التيار الجهادي ورموزه وقادته, وأبرزهم الدكتور إياد قنيبي و أبو عبد الله الحموي قائد حركة أحرار الشام المتحالفة مع جبهة النصرة ذراع تنظيم القاعدة في سوريا.

بعد عزل مرسي وارتكاب العسكر لمجازره الكثيرة بحق الإخوان المسلمين ومؤيديهم خرج الجهاديون عن مبدأ النأي بالنفس وقرروا المشاركة - على طريقتهم – في فعاليات إسقاط الانقلاب فانحازت الجماعات الجهادية الناشطة في سيناء إلى عمق الأراضي المصرية فنفدت عمليات كثيرة كان أبرزها محاولة اغتيال وزير الداخلية محمد إبراهيم بالقاهرة.

في الصيف الماضي بث على الانترنت تسجيل صوتي لمحمد العدناني أحد قادة دولة العراق والشام الإسلامية إحدى أكبر الكيانات الجهادية الناشطة في العراق وسوريا, التسجيل حمل عنوان " السلمية دين من" وشن فيه العدناني هجوما كبيرا على الإخوان المسلمين واصفا إياهم ب" الحزب العلماني بل هم أشر" حاشرا الرئيس محمد مرسي في زمرة الطواغيت, التسجيل الصوتي قوبل بردود فعل غاضبة ليس في أوساط الإخوان المسلمين فهم في قمة مصابهم ونكبتهم, بل في أوساط التيار الجهادي نفسه, فقد سارع بعض كبار الكتاب والمفكرين الجهاديين إلى استنكار ما ورد في التسجيل معتبرينه غلوا لا يمثل إلا قائله, ولعل من ابرز من ردوا عليه في حينه الكاتب والاستراتيجي عبد الله بن محمد وأسد الجهاد 2 وغيرهما..

الرد المطول على محمد العدناني  والمشفوع بعبارات التوبيخ والعتاب جاء من أبي محمد المقدسي أكبر مرجع جهادي, و فتاويه وأطروحاته تحضا باحترام كبير لدى قطاعات عريضة من الجهاديين, المقدسي اعتبر آراء العدناني في جماعة الإخوان المسلمين تعسفية وبعيدة عن الإنصاف والمروءة فقال:" فساءني والله سوء التوقيت الذي جعل إخواننا هؤلاء يبدون كالمصطفّين بغير قصد إلى صف الظالمين والطواغيت والمرتدين في هجمتهم على كل ما يمت إلى الإسلام بصلة، كما ساءني أكثر عدم الإنصاف في بعض ما وصلني من تلكم الكلمات والبيانات التي جعلت الإخوان شرا من العلمانيين والمرتدين من الانقلابيين وحكمت عليهم بأنهم من جملة الطواغيت "  وأضاف: " وليس من المروءة ولا من الرجولة أن نشمت بمخالفينا من المسلمين في مصابهم وتسلط أعداء الله عليهم وانتهاكهم لحرماتهم، فمن عاداهم لإسلامهم الذي يصفه بالمعتدل، هو أشد عداوة لنا ولإسلامنا الذي يصفه بالمتطرف والمتشدد والإرهابي" وأشار أبو محمد المقدسي في سياق مقالته التي حملت عنوان "الإنصاف حلة الأشراف والأشراف أقل الأصناف" إلى الموقف الصحيح الذي يجب على أبناء التيار الجهادي أن يتبنوه إزاء الإخوان المسلمين خصوصا في الظرف الحالي فقال:" مع أن الواجب عليهم –أي على أبناء التيار الجهادي - كان ليس فقط أن يكفّوا ألسنتهم في هذا الظرف العصيب ويتركوا المشاركة في الهجمة عليهم وحسب، بل وجب عليهم قول الحق والإنصاف، ونصرتهم بحسب المستطاع فيما يستحقونه من النصرة والموالاة" كما عاتب أبي محمد العدناني بالقول :" فهل قول من قال بعد نكبة الإخوان في مصر بأن "الإخوان شر من العلمانيين والمرتدين" عدل وإنصاف!؟ وهل من يطلق مثل هذه الإطلاقات على عواهنها - إذا لم يتق الله ويضبط نفسه- بالقول السديد - قادرٌ على أن ينصف الناس ويحكم بينهم بالعدل إذا ما تسلم زمام الأمور، وفي الناس من العوام والعصاة والخاطئين والمخالفين والفساق وغيرهم ممن هم شر من الإخوان !؟". المقدسي اعتبر حداء الرئيس محمد مرسي أشرف من كل العلمانيين في خلاف حاد لما يراه العدناني من تصنيف محمد مرسي إلى جانب الطواغيت العلمانيين.

موقف العدناني الذي ينشط الآن في العراق كمتحدث رسمي باسم دولة العراق والشام الإسلامية ربما جاء متأثرا بنظرته وموقفه من الإخوان المسلمين في العراق الممثلين بالحزب الإسلامي, ويحمل الجهاديون لهذا الأخير مسؤولية ضياع المشروع الجهادي في العراق بسبب ووقوفه وتبنيه لمشروع الصحوات التي حاصرت المقاومة في العراق ومدت المشروع الصفوي والأمريكي بأسباب البقاء والصمود, ولذلك لا تزال قيادات الحزب الإسلامي في قوائم الاغتيالات التي أعلنت عنها دولة العراق الإسلامية في وقت سابق.

موقف أبي محمد المقدسي المؤيد للإخوان المسلمين والمستنكر لمواقف العدناني لم يكن الوحيد في هذا السياق, فقد أعلن نصر بن علي الآنسي وهو من كبار قادة الصف الأول في القاعدة ممن رافق رموزها الأولى مثل أسامة بن لادن وأبو حفص المصري, وحضر محاضرات استراتيجيها الكبار وخضع لأقوى الدورات في معسكرات القاعدة كدورة "تأهيل الكوادر", التي يشرف عليها أبو الفرج الليبي, أعلن في حوار له مع الصحفي اليمني عبد الرزاق الجمل:" أن الذي حصل في مصر كان ظلماً واعتداءً واضحاً وصارخاً ليس على الإخوان فقط ولكن على كثير من أبناء الإسلام في مصر، وإذا كان ديننا يوجب علينا رفع الظلم ودفعه عن كل مظلوم ولو كان كافراً، فما بالك بأن يكون الظلم واقع على عامة المسلمين بهذه الصورة البشعة، وأن يكون الدافع لهذا الظلم هو رفض كل ما يمت إلى الدين بصلة، بغض النظر عن موافقتنا للإخوان أو اختلافنا معهم."
فما حصل من اعتداء على دماء المسلمين ومن اعتقال لإخواننا وأخواتنا في مصر يوجب نصرتهم ودفع الظلم عنهم." وعقب على موقف أبي محمد المقدسي السابق بالقول :" وما ذكره فضيلة الشيخ أبو محمد المقدسي، بارك الله له في علمه، في رسالته ” الإنصاف حلة الأشراف ” يعبر عن الموقف الشرعي الصحيح الذي نراه ونؤيده ونؤكد عليه في مثل هذه المواقف. وجزاه الله عن الأمة خير الجزاء فيما وضحه وبينه.".
هذا التقارب لم يفوته بعض المفكرين الجهاديين المعتدلين فطرحوه للنقاش والدردشة حوله في أفق الوصول إلى صيغة ائتلافية ممكنة تجمع الطاقات وتركزها في هدف واحد مشترك, خصوصا وكثير من الجهاديين أيقنوا أن الحركة العسكرية وحدها لا تكفي من دون وجود خطاب سياسي واضح المعالم والمبادئ وهو ما يفتقده التيار الجهادي نوعا ما, كما أن كثيرا من المفكرين الإخوان أيقنوا كذلك أن الخطاب السياسي والتباري السياسي وحده لا يكفي في غياب طرح صدامي ثوري ومفاصلة جهادية وهو ما تفتقده جماعة الإخوان المسلمين.

هذه الرؤية التكاملية للعلاقة بين التيار الجهادي وجماعة الإخوان المسلمين تناولها مؤخرا عبد الله بن محمد وهو أحد كتاب ومفكري التيار الجهادي في تدوينات له على حسابه في تويتر ومدونته الشخصية فقال :" تجربة طالبان والقاعدة يمكن أن تتكرر مع مكون إسلامي أضخم كالإخوان المسلمين وفي معركة أكبر كتحرير الأمة الإسلامية من الهيمنة الغربية, من خلال تحليل خيوط حركة الصراع للإخوان والقاعدة نلاحظ أنها ولابد ستلتقي في نقطة تشابك مصيرية للأمة(....) نجاح الإخوان في إبقاء الحالة الإسلامية على قيد الحياة في فترة التيه ونجاح القاعدة في اشعال صراع عالمي بدون مقومات هو مفتاح لنجاح أكبر(.. ) مشاعر الرفض للهيمنة الغربية وظهور أجنحة فكرية تنادي بتكامل الأدوار بين مكونات الأمة كفيل بتكامل المشروعين وهذا ما يحاول الغرب منعه " وختم تغريداته بالقول : "مظلة الإسلام التي جمعت صلاح الدين الأشعري بحنابلة دمشق لتحرير القدس من قبضة الصليبيين قادرة على جمع غيرهم لتحرير الأمة من نفس العدو !".

هذا الأمل بإعطاء الدفء مساحة أكبر في العلاقة بين الإخوان والجهاديين يتقاسمه كلا الطرفين, فمحمد بن المختار الشنقيطي من مفكري الإخوان المسلمين ما فتئ يؤكد في كثير من تعليقاته على أن منهج الإخوان قد يعتريه بعض القصور وأن المفاصلة الجهادية قد تكون حلا لكثير من معضلات الحالة الإسلامية الراهنة حيث قال:" أردناه ربيعا مخمليا وأراده الله مفاصلة جهادية".

قد لا يكون هذا التصور هو المزاج السائد لدى كل الجهاديين خصوصا وجناح الصقور في التيار بدأ بالصعود, متحديا الرموز الكبار, طارحا نفسه وخياراته وأطروحاته بقوة على صعيد النشاط العسكري والإعلامي, متشبثا برؤيته الجذرية لكثير من المسائل والمواقف خصوصا في العراق وسوريا. متأثرا بالمواقف السلبية السابقة للإخوان المسلمين تجاه معظم القضايا التي انخرط فيها التيار الجهادي. لكنني أعتقد أن الانقلاب العسكري في مصر سيشكل لحظة فارقة في الوعي الإسلامي المعاصر وسيعزز كثيرا من النظريات والأطروحات, وسيعطي هامشا أكبر لفرص التكامل بين كل مشاريع الأمة التي تسعى إلى صد المد العلماني وقصم ظهره.






الاسمبريد إلكترونيرسالة