JavaScript is not enabled!...Please enable javascript in your browser

جافا سكريبت غير ممكن! ... الرجاء تفعيل الجافا سكريبت في متصفحك.

-->
الصفحة الرئيسية

حرباء بعمامة ولحية...


عبد الغني مزوز---


بعد الانقلاب العسكري الذي نفذته الأيادي الضاربة للدولة العميقة في مصر ممثلة بالقضاء والعسكر و وبابا الكنيسة وبابا الأزهر وأشياخ أخر مؤلفة جيوبهم, وترسانة إعلامية معادية, بدأت حملة عمياء من الاعتقالات طالت قيادات إسلامية ودعوية وسياسية وإعلامية وغلقت قنوات, وصودرت صحف, وكممت أفواه في هذه اللحظات الحرجة التي أطل فيها الخوف والترقب على كل أبناء الحركة الإسلامية وهم يرون انجازاتهم التي قدموا في سبيلها كل غال ونفيس يجهز عليها خلال ساعات على يد طغمة من العسكر مرطبتين عضويا بكيانات ومؤسسات ودول معروف عداءها للأمة والإسلام, وزوار الليل قد استأنفوا زياراتهم غير الميمونة, انكفأت رموز وقيادات ولسان حالها يقول: أنا لست من الإخوان وأنا مع الشرعية الجديدة والإمام المتغلب الجديد سمعا وطاعة, ورموز أخرى فضلت الصمت والنأي بالنفس والدعوة إلى التزام البيوت واعتزال الفتنة, مع أن الواجب يحتم وضوح الموقف وصلابة الرأي, والانحياز إلى صف الأمة وأبناءها واختياراتها لكن الذين مردوا على النفاق, وتطبعت بها شخصياتهم ومواقفهم الحربائية التي تميل آليا إلى كل صاحب سلطة ونفوذ دون وازع أخلاقي أو إنساني أو ديني, لا يمكنهم إلا أن يكونوا أوفياء لسجاياهم وعبتا حاولوا التغطية على طباعهم الأصلية الأصيلة بالتطبع أحيانا بلباس الدعاة الذين تفيض أعينهم من الدمع خشوعا وحزنا أحيانا, وبلباس الزهاد النساك الذين انقطعوا إلى حلق علمهم وذكرهم, لكن ما إن تتغير الأحوال ويذهب عن الأمة الهم والغم والحزن, إلا وتراهم على المنابر يتكلمون في السياسة والشأن العام, ويزاحمون الناس على المنصات لإلقاء الكلمات والخطب العصماء عن الشجاعة وسير الأولين, ولسان حالهم بل مقالهم يقول " إنا كنا معكم إنما نحن مستهزئون" .

لكن في المقابل هذا النموذج عرفت تلك اللحظات الحرجة و العصيبة شيوخا ورموزا سجلوا مواقفهم في سجل الأمة الخالد الذي تسجل فيه أنبل المواقف في أحلك الظروف, من موقف الصديق والإمام الحسين والإمام مالك والإمام أحمد ابن حنبل والإمام ابن تيمية والعز ابن عبد السلام وغيرهم, وهؤلاء بحق هم قادة الأمة وعمقها التاريخي, ومنارات للإلهام والاهتداء.
 
في عز المحنة وقمة الغمة والطغمة العسكرية في مصر تعيث في أرض الكنانة الفساد, حيث وقف الكثيرون موقف الشماتة والنكاية فرحا واستبشارا بنهاية مشروع الإسلام المجيد, وقفت جبال شم راسيات, معبرة في أول دقيقة للانقلاب عن رفضها الصريح والواضح له, مبينة للناس حقيقة من يقف حوله وحقيقة ما يراد به من التمكين للإرهاب العلماني من جديد, وإقصاء ممنهج لكل المكونات ذات الطابع الإسلامي, تنفيذا لأجندة خارجية, تسعى إلى إقبار الإسلام والقضاء على حلم تمثله في نظام للحياة ونهج للسياسة.
كان كل من الدكتور صفوة حجازي والشيخ محمد عبد المقصود والدكتور وجدي غنيم, وكل القيادات الاخوانية التي عركتها السجون والمحن من أبرز هذه الجبال التي ثبتت وصمدت وبينت للناس ووضحت.
 
 ومن الذين خاروا وباروا وانكفؤوا واعتزلوا في مواطن كانت الأمة في أمس الحاجة إلى كلمة قصيرة منهم, لكنهم للأسف لم يكونوا في مستوى التحدي والمسؤولية ولم ينالوا شرف الصمود في تلك اللحظات الحاسمة, كل من الشيخ أبي إسحاق الحويني والشيخ محمد حسان وغيرهم كثير من غثاء سيل لا يعول عليه في نوازل الأمة وخطوبها, لكن هناك نساء من نسل عائشة والخنساء عوضن غياب المسترجلين وكن بحق رجالا في الميدان ثباتا وعطاء ووعيا وإيمانا.

قريبا سنبين في مقالة مستقلة كيف أن أغلب من يسمون بعلماء الأمة ليسوا في ذلك في شيء, وسنوضح ذلك معززين ما نذهب إليه بنماذج ومواقف, وسنبين أسباب وأبعاد ظهور ظاهرة الشيخ الفضائي وتأثيره على علماء الأمة الحقيقيين والمغيبين. وانعكاس ذلك على المواقف الوجودية المصيرية للأمة.  
الاسمبريد إلكترونيرسالة