JavaScript is not enabled!...Please enable javascript in your browser

جافا سكريبت غير ممكن! ... الرجاء تفعيل الجافا سكريبت في متصفحك.

-->
الصفحة الرئيسية

اغتيال العولقي.. نجاح أمريكي جديد أم ماذا؟



عبدالرزاق الجمل--

بمقتل الشيخ أنور العولقي تكون الإدارة الأمريكية قد نجحت في اغتيال ثلاثة من قادة القاعدة الخطرين خلال أربعة أشهر، الشيخ أسامة وعطية الليبي وأنور العولقي، وإن كانت تحصـد العكس في المواجهات علـى الأرض، خصوصا في أفغانستان واليمن، فمنذ مقتل الشيخ أسامة بن لادن بباكستان مطلع شهر مايو الماضي، تصاعدت عمليات التنظيم بشكل غير مسبوق، وكان بعضها نوعيـا جـدا، كتلك التي أسقطتْ طائرة أمريكية وقتلت قرابة العشرين من القوات الأمريكية الخاصة التي شاركت في عملية اغتيال بن لادن.


في مقابل ذلك صعَّدت الولايات المتحدة الأمريكية مؤخرا من هجماتها بطائرات من دون طيار في اليمن، ونقلت صحيفة "واشنطن بوست" عن مسئولين أمريكيين تأكيدهم على أن إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما صعدت في الآونة الأخيرة من الهجمات بطائرات من دون طيار ضد أهداف مفترضة لتنظيم القاعدة على الأراضي اليمنية.

وجاءت عملية الجوف الأخيرة بعد عمليات أمريكية عدة استهدفت العولقي ونجا منها، وكان أبرزها العملية الأمريكية التي تلت مقتل الشيخ أسامة بن لادن بثلاثة أيام، في إحدى مناطق محافظة شبوة.

وعلى الرغم من أن وزارة الدفاع اليمنية حاولت، وإن بشكل غير مباشر، أن تنسب العملية لها، إلا أن التصريحات الأمريكية، وكعادتها، جاءت لتؤكد أن الغارة التي استهدفت العولقي، كانت أمريكية، كما بدا من خلال تصريحات المسئوليـن الأمـريكيين، أنهـم واثقون من صحـة خبر مقتـل العولقي.

الجدير بالذكر أن مصادر رسمية يمنية كانت قد أكدت في وقت سابق مقتل زعيم تنظيم قاعدة الجهاد في جزيرة العرب ناصر الوحيشي "أبو بصير"، لكن لم يكن هناك أي تجاوب أمريكي مع الخبر، ما يعني أن مصدر خبر وزارة الدفاع اليمنية حول عملية العولقي هو البنتاجون لا العكس، لأن العملية أمريكية، بحسب تأكيدات الأمريكيين أنفسهم.

وتجمع العولقي بتنظيم القاعدة قضية العداء للولايات المتحدة الأمريكية، والاتفاق في وسائل مقاومة الوجود الأمريكي في المنطقة، لكنه لا يحتل أي موقع قيادي اسمي في التنظيم، كغيره من المطلوبين للإدارة الأمريكية، وإن كان ينشط بقوة في النت مستغلا في ذلك لغته الإنجليزية لتوجيه رسائله إلى الغرب.

ويُعتبر أنور العولقي ثاني أكبر مطلوب يمني تتمكن الطائرات الأمريكية من قتله بعد الشيخ أبي علي الحارثي الذين كان حينها المطلوب الأول للإدارة الأمريكية، وقتلته طائرة أمريكية مع عدد من مرافقيه في صحراء مأرب عام 2002م.

لكن مقتل الحارثي لم يحل دون تنامي وجود التنظيم في اليمن واتساع رقعة نشاطه، بل أصبح فرع تنظيم الجزيرة العربية، ومقره اليمن، هو الأخطر في العالم، بحسب تصريحات لبعض المسئولين الأمريكيين، وكذا تصنيفات خاصة لوكالة الاستخبارات الأمريكية المركزية سي آي إيه.

غير أن الولايات المتحدة الأمريكية تعتقد أنها بنجاحها في استهداف قادة تنظيم القاعدة حول العالم، ستتمكن من إضعاف التنظيم، بعد فشلها في هزيمته على الأرض، لذا تحدثت وزارة الدفاع الأمريكية بعد مقتل الشيخ بن لادن على لسان وزير دفاعها ليون بانيتا، عن قائمة خاصة لعدد من قيادات التنظيم تخطط لاستهدافهم، ويبدو أن الشيخ أنور العولقي كان الهدف التالي، حيث حاولت الطائرات الأمريكية استهدافه بعد ثلاثة أيام فقط من مقتل بن لادن في عملية بمحافظة شبوة لم يُكتب لها النجاح.

إلا أن ما حدث على الأرض جاء على النقيض تماما مما توقعته أو أرادته وزارة الدفاع الأمريكية، حيث كان الشهران التاليان لمقتل بن لادن (مايو ويونيو) هما الأكثر دموية ضد القوات الأمريكية وقوات النيتو في أفغانستان، من حيث عدد ونوعية العمليات التي تمت فيهما، ولم يختلف الوضع في اليمن حيث جاءت سيطرة التنظيم على مدينة زنجبار في التاسع والعشرين من شهر مايو الماضي، وهو الشهر ذاته الذي قتل فيه أسامة بن لادن.

وما تجدر الإشارة إليه هنا هو أن هناك تسابقا بين الولايات المتحدة الأمريكية وبين القاعدة على واقع ما بعد مثل هذه العمليات، ففي حين تسعى الأولى إلى أثبات أن عملياتها أثرت على القاعدة، تسعى الثانية على إثبات عكس ذلك، من خلال مضاعفة نشاطها العسكري ضد مصالح الغرب وحلفائه في ما يُسمى بالحرب على الإرهاب.

كما كان الإعلام مسرحا لهذا التسابق، فالجنرال ديفيد بيترايوس يؤكد أن عمليات القاعدة شهدت تراجعا كبيرا بعد مقتل بن لادن، وقادة القاعدة يؤكدون العكس، وفي معرض رده على تصريحات الجنرال ديفيد بيترايوس، أورد الناطق الرسمي باسم الإمارة الإسلامية في أفغانستان ذبيح الله مجاهد، أرقاما من الأرض تؤكد ارتفاع خسائر أمريكا في الأشهر التي تلت مقتل بن لادن.

وتقول إحصائية تحدث عنها بيان لتنظيم القاعدة إن القاعدة شنت خلال شهري مايو ويونيو "(3127) هجوما دمرت وأُعطبت خلالها (2272) دبابة، سيارة رينجر، آلية عسكرية أو لوجستية، كما قتل فيها مئات الجنود الأمريكيين وغيرهم من المحتلين". وتضيف القاعدة في بيانها: "ويجدر بنا القول إنه نفذ خلال الشهرين الماضين (43) هجوما استشهاديا على الأهداف والمراكز المهمة للعدو، حيث تكبد العدو فيها خسائر فادحة، ومن جملة هذه الهجمات عمليات كابل، خوست، وغيرهما من العمليات الاستشهادية الجماعية التي لم يُشهد لها مثيل على المستوى العالمي في السابق".

وفي اليمن صعَّـد فرع التنظيم من وتيرة نشاطه بعد مقتل الشيخ أسامة بن لادن، وتمكن في غضون أيام قليلة من الاستيلاء على محافظة أبين بالكامل، والحفاظ عليها تحت سيطرته حتى هذه اللحظة.

ومن المتوقع أن يتكرر الأمر بعد حادثة اغتيال أنور العولقي، وكان زعيم التنظيم في جزيرة العرب ناصر الوحيشي قد توعد الرئيس صالح بالرد القاسي بعد ترحيب الأخير بمقتل بن لادن وتمنيه أن يلاقي باقي قادة التنظيم في العالم المصير ذاته، ومن المؤكد أن تحرض عملية اغتيال العولقي على مزيد من التصعيد في قادم الأيام.

تأثير العملية على التنظيم
يذهب الأمريكيون وكثير من المراقبين إلى أن هذا النوع من العمليات يمكن أن يؤثر على التنظيم ويحد من نشاطه. وفي تعليقه على العملية التي استهدفت الشيخ أنور العولقي قال الرئيس الأمريكي باراك أوباما إنها خطوة مهمة أخرى وأساسية على طريق هزيمة الشبكة الإرهابية.

وأشار أوباما، في خطاب بمناسبة نقل قيادة الأركان الأميركية المشتركة من مايكل مولن إلى مايكل ديمبسي، إلى إن موت العولقي يعتبر ضربة موجعة لأكثر شركاء تنظيم القاعدة فعالية. وأضاف أوباما بأن ذلك يعد دليلا على أن القاعدة والتابعين لها لم يجدوا ملاذا آمنا في منطقة الجزيرة العربية.

لكن الرئيس الأمريكي أكد على أن القاعدة في شبه الجزيرة العربية ستظل تشكل تهديداً "خطيراً ولكن ضعيفاً" يقتضي من الولايات المتحدة الأمريكية مواصلة اليقظة والحذر رغم مقتل العولقي.

ويرى رئيس تحرير صحيفة القدس العربي عبد الباري عطوان أن "نجاح المخابرات المركزية الأمريكية في الوصول إلى الإمام أنور العولقي أحد قادة تنظيم القاعدة البارزين في اليمن، وبالتالي تصفيته جسدياً مع ستة من رفاقه، يعتبر ضربة قوية للتنظيم، وانتصاراً للرئيس الأمريكي باراك اوباما وإداراته، بعد أربعة أشهر تقريباً من انتصار اكبر تمثل في قتل زعيم التنظيم نفسه أسامة بن لادن، في منزل احتمى به في مدينة أبوت اباد الباكستانية.

"فالعولقي ـ والكلام لعطوان ـ يمثل الجيل الثاني من قادة القاعدة، ويتمتع بقدرة عالية في الخطابة والتأثير في الشباب الإسلامي المحبط من التغول الأمريكي الغربي ضد العرب والمسلمين، والأهم من ذلك أن الرجل يتمتع بثقافة إسلامية تجمع بين التقليد والحداثة، ويجيد الحديث باللغتين الانكليزية والعربية، مما يؤهله لمخاطبة المسلمين في الغرب والشرق، وتجنيد أكبر عدد ممكن منهم، مثل الطالب النيجيري عمر الفاروق عبد المطلب، المتهم بمحاولة تفجير طائرة ركاب أمريكية، فوق مدينة ديترويت الأمريكية قبل ثلاثة أعوام، أو الضابط الأمريكي المسلم نضال حسن، الذي اقتحم قاعدة فورت هود وقتل عشرة من زملائه، حسب نتائج التحقيقات الأمريكية".

لكن عطوان لم يستبعد أن "أن تساهم عملية الاغتيال هذه في تسهيل أو توسيع عملية انضمام شباب يمني إلى تنظيم 'القاعدة'، وزيادة حال الكراهية المتزايدة أصلا لأمريكا وحلفائها في اليمن والجزيرة العربية بشكل عام"، مضيفا: "من المؤكد أن تنظيم 'القاعدة' سيهدد، وبعد أن يفيق من الصدمة، بالانتقام لمقتل الإمام العولقي ورفاقه، تماما مثلما هدد بالانتقام لمقتل زعيمه أسامة بن لادن، ولكن ما هو اخطر من التهديد، وربما التنفيذ أيضا، هو رد فعل الشعب اليمني، على انتهاك الطائرات الأمريكية لسيادة بلاده أولا، ومقتل احد أبنائه ثانيا، وما حققه ذلك من تعزيز لمكانة الرئيس اليمني علي عبد الله صالح ثالثا".

أما تنظيم القاعدة فيرى العكس، حيث يعتقد قادته أن مثل هذه العمليات تأتي بمردود إيجابي على صعيد النشاط العسكري للتنظيم وكسب المزيد من التعاطف الشعبي والقبلي، وفي حوار نشرته صحيفة الناس في وقت وسابق، وفي معرض الرد على تصريحات الجنرال بيترايوس بخصوص تراجع نشاط التنظيم بعد مقتل زعيمه بن لادن، يقول المطلوب الثالث للإدارة الأمريكية الشيخ فهد القصع إنهم في تنظيم القاعدة "يستمدون قوتهم من الله ثم من ثبات وتضحيات قادتهم".

ويضيف القصع: "الجهاد ليس مربوطا بأشخاص بل هو مشروع أمة تريد النهوض والخروج من التبعية وهذا ما دعا له الشيخ أسامة وكرره وتمناه, وقد تحقق للشيخ ما تمناه من أن تنهض الأمة، و الذي نؤكده هو أن المجاهدين يزدادون قوة وأن بترايس يقف الآن في موقف المهزوم".

ويرى الصحافي السعودي المتخصص في شئون قاعدة اليمن مصطفى الأنصاري بأن مثل هذه العمليات يمكن أن تضعف التنظيم، لكنها لم تنهيها في ظل بقاء مجموعة من العناصر الأساسية التي يرتكز عليها الفكر القاعدي في تجييش مناصريه، لعل أبرزها الأيديولوجيا الدينية والقهر السياسي.

بنادق قبائل العوالق إلى من ستُوجه
خلال الأعوام الأخيرة خسرت قبائل العوالق في كل من محافظتي شبوة وأبين الكثير من أبنائها في الغارات الأمريكية التي طالت أهدافا مفترضة لتنظيم القاعدة في المحافظتين، وكان كثير ممن لقوا حتفهم في تلك الغارات مواطنون لا صلة لهم بالتنظيم، وتم استهدافهم بشكل خاطئ.

وأثارت تلك العمليات حالة من الغضب داخل القبيلة ضد الولايات المتحدة الأمريكية والحكومة اليمنية أكسبت التنظيم مزيدا من التعاطف والحماية، كونه يقاتل جهات بات لهذه القبيلة ثأر عندها.

وعقب سماعها بمخطط يمني أمريكي مشترك لملاحقة وتصفيـة الشيـخ أنـور العولقي، عقدت قبائل العوالق اجتماعا طارئا حذرت فيه الحكومة اليمنية من مغبة التعاون مع الولايات المتحدة الأمريكية ولو بالكلمة والوشاية، أو تآمر وتجسس ضد أحد أبنائها.

وأكدت قبائل العوالق في اجتماعها على عدم تخليها عن الشيخ أنور الذي وصفته بالبطل، "محذرة في الوقت ذاته من مس شعره من رأسه، ومن تسول له نفسه أن يبيع ابنهم فإنه لن يسلم من بنادق العوالق ونارها، وأنها لن تقف موقف المتفرج" حد قولها.

وجلبت الغارات الأمريكية داخل الأراضي اليمنية كثيرا من المتاعب للحكومة اليمنية، على مستوى علاقتها بالقبيلة، ويؤكد هذا الأمر وزير الخارجية اليمني الدكتور أبو بكر القربي في حوار سابق مع صحيفة الحياة اللندنية حين زعم فيه أن العمليات الأمريكية ضد القاعدة في اليمن توقفت نهاية عام 2009م، لأنها لم تكن مفيدة، حد قوله، وكان القربي يشير إلى أنها توقفت بعد حادثة المعجلة الشهيرة عام 2006م.

ولا تزال الغارة الأمريكية التي أودت بحياة الشيخ جابر الشبواني في محافظة مأرب تُثار حتى اليوم بين الدولة وقبائل مأرب التي لازالت تطالب برأس من يقف وراء قتل ابنها.

وتكون الولايات المتحدة الأمريكية بهذه العملية قد مهدت الطريق أمام فرع تنظيم القاعدة في اليمن لكسب المزيد من الأرض والمقاتلين، تماما كما حدث بعد عملية المعجلة أواخـر عـام 2009م.

ردود الأفعال
من ناحية قانونية وأخرى متعلقة بالسيادة الوطنية، قوبلت عملية استهداف العولقي باستنكار من قبل بعض الأطراف في الداخل اليمن، حيث دانت منظمة "هود" العملية ووصفتها بالجريمة، كونها تمت خارج إطار القانون.

وقالت المنظمة بأنها تنظر إلى جريمة قتل الإمام أنور العولقي باعتبارها جريمة "إرهاب دولة" تعمل من خلالها حكومة الولايات المتحدة على خلق وإثارة مشاعر الكراهية والعداء تجاه الغرب بشكل عام، وتكرس ثقافة الاستقاء وقانون الغاب بما يؤثر سلبا على نتائج جهود دعاة التعايش والتسامح العالمي ويقدم المزيد من المبررات لثقافة التطرف والعنف.

وأشارت المنظمة في بيان لها إلى أن "الحكومتين الأميركية واليمنية قامتا من خلال ما يسمى بتعاونهما في مجال مكافحة الإرهاب بارتكاب الكثير من الجرائم بحق الإنسانية وقتلتا الكثير من الأبرياء"، مضيفة: "أنور العولقي هو أول مواطن أمريكي يُعدم بقرار رئاسي، ومن المخزي أن يكون رجل القانون المحامي والرئيس الأميركي باراك أوباما هو أول رئيس أميركي يصدر قرار إعدام خارج القضاء".

وعلى الرغم من أن المعارضة اليمنية سارعت إلى إدانة العملية الأمريكية التي استهدفت الشيخ أبا علي الحارثي في صحراء مأرب عام 2009م، واتهمت الحكومة اليمنية بالتفريط في السيادة الوطنية حين سمحت للطيران الأمريكي بالتحليق في الأجواء اليمنية، إلا أنها (أي المعارضة) لم تحدد موقفا من العملية التي استهدفت العولقي حتى الآن.

وانتقد يمنيون الإدارة الأمريكية عبر صحيفة نيويورك وقالوا إنهم يريدون التخلص من الرئيس علي عبد الله صالح وليس من أنور العولقي.

وفيما يبدو أنه محاولة لتجاوز حرج الصفة القانونية لعملية استهداف أنور العولقي، نقلت صحيفة (واشنطن بوست) عن مسئولين أمريكيين قولهم "إن وزارة العدل الأمريكية أوردت في مذكرة سريّة السماح بالاستهداف القاتل للعولقي، وأن الوثيقة صدرت بعد مراجعة شارك فيها محامون كبار للمسائل القانونية المتعلقة بتصفية مواطن أميركي".

وأشار المسئولون الأمريكيون "إلى أنه لم تظهر أية معارضة بشأن قانونية قتل العولقي، لكنهم رفضوا الكشف بدقة عن التحليل القانوني الذي استخدم لتشريع استهداف العولقي".

وكانت الصحيفة ذاتها قد نقلت في وقت سابق تصريحات لمسئولين أمريكيين تؤكد أن أهداف الطيران الأمريكي في اليمن تؤخذ من لائحة مصادق عليها لكبار القياديين في قاعدة شبه الجزيرة العربية، إلا أن بعض من استهدفهم الطيران الأمريكي كانوا مقاتلين عاديين.

ملابسات عملية اغتيال العولقي
رغم أن بيان وزارة الدفاع اليمنية حاول الإيهام بأن العملية التي استهدفت العولقي كانت يمنية، من خلال الإشارة إلى أن العملية جاءت بعد متابعة ومراقبة ورصد من قبل أجهزة الأمن اليمنية لتحركات أنور العولقي، إلا إن وكالة الصحافة الفرنسية نقلت عن مصادر قبلية أن العولقي قتل بغارة جوية استهدفت سيارتين كانتا تسيران على طريق بين مأرب شرق صنعاء والجوف".

ونقلت شبكة "سي إن إن" عن مصدر حكومي أمريكي أطلعته وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية على معلومات قوله "إن طائرة أمريكية من دون طيار أطلقت صاروخاً على رتل للسيارات في محافظة الجوف باليمن، أدى إلى مقتل رجل الدين الأمريكي من أصل يمني، أيمن العولقي، والأمريكي من أصل باكستاني وخبير المعلومات، سمير خان، واثنين آخرين".

وأكدت مصادر قبلية في محافظة مأرب لـ"القدس العربي" أن شهود عيان شاهدوا سيارة نوع هايلكس، حديثة الصنع، قصفت بواسطة طائرة أمريكية بدون طيار في منطقة لقشع بمديرية رغوان الكائنة بين محافظتي مأرب والجوف، شرق صنعاء، وقتل في العملية خمسة أشخاص كانوا يستقلون السيارة، يعتقد أن من بينهم أنور العولقي.

لكن التأكيد على أمريكية العملية لا ينفي مشاركة جهات يمنية، رسمية أو غير رسمية، فيها، خصوصا في هذه المرحلة التي يعاني فيها النظام اليمني من أزمة خانقة على خلفية الثورة الشعبية.

وفي محاولة للربط بين عودة صالح ومقتل العولقي تساءلت "سي إن إن": هل كان مقتل العولقي بعد عودة صالح صدفة؟!.. ونقلت عن محللين في مجال في شئون الاستخبارات أن الرئيس صالح "يريد أن يوضح للغرب وللسعوديين أنهم لازالوا بحاجته".

ويقول المحلل كريستوفر بوتشيك، الخبير بالشأن اليمني في معهد "كارنيجي إنداومنت للسلام الدولي" إن الرئيس صالح عبارة عن مؤسسة سياسية فوق الجميع في اليمن، مشيراً إلى أن مقتل أنور العولقي لم يأت من قبيل الصدفة بعد عودة صالح.

وأشار بوتشيك إلى أن الأمور تغيرت في اليمن مؤخرا، بعد أن كانت الحكومة اليمنية مترددة في استهداف العولقي خشية أن يثير ذلك ردة فعل محلية خصوصا من القبيلة التي ينتمي إليها العولقي، لكن التعاون مع أمريكا في استهداف العولقي، بحسب بوتشيك، بات وسيلة صالح لاستعراض أن الولايـات المتحـدة مـازالت تريـده.

وقريبا مما أشارت إليه محطة "سي إن إن"، جاء تحليل لصحيفة القدس العربي التي توقعت أن تكون الحكومة اليمنية قد وفّرت للعولقي غطاء حماية طوال السنوات الماضية التي كان مطاردا فيها، بسبب صلة القرابة التي تجمعه برئيس الوزراء الدكتور على محمد مجور، كون العولقي ابن شقيقة مجور، أي أن رئيس الوزراء يكون خال العولقي، وتضيف الصحيفة: "لكن صنعاء استخدمته وسيلة لتعزيز علاقاتها مع الولايات المتحدة وربما لابتزازها تحت مبرر مكافحة الإرهاب، بحسب تعبير الصحيفة".

وعلى الرغم من أن العملية لم تكن لتنجح دون الاعتماد معلومات من الأرض، إلا أن الحديث عن نظام صالح أو عن صالح نفسه كمصدر لهذه المعلومات، يقوم على مجرد التوقع والتحليل، فهناك جهات أخرى يمكن أن تقدم خدمات للجانب الأمريكي في هذا الجانب، خصوصا تلك التي تحظى بنفوذ في محافظة الجوف أكبر من نفوذ صالح نفسه، كجماعة الحوثي. وجماعة الإخوان التي لها النفوذ الأكبر.

وكانت بعض بنود اتفاقية الدوحة الأخيرة لوقف الحرب بين الحكومة اليمنية وجماعة الحوثي قد نصت على إعطاء الجماعة صلاحيات أمنية لمحاربة القاعدة في المحافظات الشرقية، في إشارة إلى محافظتي مأرب والجوف التي كانت عملية استهداف العولقي بينهما.

وتعتمد الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة العربية السعودية في حربهما على الإرهاب داخل الأراضي اليمنية على جواسيس محليين من أبناء تلك المناطق أكثر من اعتمادها على نظام صالح الذي شككت أكثر من مرة في جديته وقدرته في الحرب على الإرهاب، لكن التوقيت الذي استهدف فيه العولقي ربما يرجح للكثيرين صلة نظام صالح به.

ومع أن صحيفة "إندبندنت" البريطانية ذهبت إلى أن الرئيس صالح تعاون مع أمريكا في الفتك بالعولقي، إلا أنها اعتبرت ذلك خسارة كبيرة لصالح، كون صالح قتل الأوزة التي تبيض له بيضا ذهبيا، حيث أصبحت الإطاحة به أسهل وأقرب منها في ظل العولقي، فضلا عن خسارته ملايين الدولارات للقضاء على الإرهاب، حد تعبير الصحيفة.

وأكدت الصحيفة أن مقتل العولقي لن ينقذ صالح من الفتك الأمريكي، كما يظن البعض، ممن يرون أنه سيصبح أكثر قربا ودعما من الولايات المتحدة، بالعكس، فعلي الرغم من أن صالح يسعي لتجنب النظر إليه علي أنه دمية تحركها الغرب، إلا أنه تعاون معها مجددا، مدركا أن الفرصة سانحة لاستنزاف الملايين الأمريكية في شكل مساعدات، الأمر الذي يفسر مقتل العولقي في هذا التوقيت الغريب.

وجاءت تصريحات البيت الأبيض الأخيرة لتؤكد ما ذكرته الصحيفة البريطانية، حيث قال المتحدث باسم البيت الأبيض جاي كارني إن التعاون مع الحكومة اليمنية كان مهما في قتل العولقي. لكنه أضاف بأن هذا أمر منفصل عن الاعتقاد بأنه يجب على صالح أن يبدأ على الفور عملية انتقال إلى الديمقراطية وفق ما تدعو إليه خطة لانتقال السلطة توسطت بها دول الخليج.


قال إن تسليح الثورة ضد النظام المسلح هو من ثقافة الثورة, وأمر ضروري لحسمها.

الاسمبريد إلكترونيرسالة